للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية محبة الرسول صلى الله عليه وسلم]

القاعدة الثالثة: هي أن نتعلم كيف نحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟ حب الرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن يفوق كل حب، إن لم يحدث هذا الحب فهناك خلل في الإيمان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما).

ويقول: (لا يؤمن العبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين)، رواه البخاري ومسلم.

وكلنا نحفظ الحوار اللطيف الذي دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين عمر بن الخطاب، فقد جاء في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال: (يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي)، كلنا يحب نفسه، ولكن انتبه وقف وقفة صادقة مثلما وقف عمر مع نفسه، وراجع نفسك: هل أنت تقدم أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شأن من شئون حياتك، أم أن حبك حب سطحي، تقدم حب أشياء كثيرة فوق حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إن كان سيدنا عمر قال: يا رسول الله! أنا أقدم حبك على كل شيء إلا نفسي، فقال له صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيده! حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: فأنت الآن والله! أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر) يعني: الآن اكتمل الإيمان، الآن اكتمل الصدق مع الله عز وجل، لن تكون صادقاً مع الله عز وجل في اتباعه وفي محبته إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:٣١].

إن دراسة السيرة تعين على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قضية محورية في إيمان العبد، والتعرف السطحي على شخصية ما لا يتولد عنه عميق حب، إنما التعرف على دقائق الحياة، واكتشاف مواطن العظمة المختلفة في الشخصية هي التي تولد الحب في قلب الإنسان، ولا أحسب إنساناً صاحب فطرة سليمة يقرأ أو يسمع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يحبه، وكلما عرفته أكثر كلما أحببته أكثر، وكلما أحببته أكثر زاد إيمانك، إنها علاقة تفاعلية في غاية الأهمية في حياة المؤمنين.

اقرأ عن أي موقف من مواقف السيرة، ضع إصبعك بصورة عشوائية على أي موقف من مواقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، منذ ولد وإلى أن مات صلى الله عليه وسلم، اقرأ في حياته كلها عن معاملاته: كيف كان يتعامل في بيته مع زوجته، مع بناته؟! كيف كان يتعامل مع أصحابه؟! كيف كان يتعامل مع أعدائه؟! اقرأ عن جهاده، عن أي غزوة قادها صلى الله عليه وسلم، عن صدقه، عن أمانته، عن شجاعته، عن تقواه، عن عبادته، عن قضائه، عن سياسته، عن المعاهدات التي عقدها صلى الله عليه وسلم كالحديبية مثلاً.

اقرأ عن الهجرة، عن بدر، عن أحد، عن فتح مكة، عن أي موقف وستحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حباً عميقاً.

لقد عدَّ الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم نعمة ومنة منه على الخلق، قال الله عز وجل في كتابه: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:١٦٤].

إذاً: من القواعد الهامة جداً التي تضعها في تفكيرك وأنت تدرس السيرة: أنك تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر ما تستطيع، ركز في كل حدث من سيرته صلى الله عليه وسلم أن تزرع هذا الحب في قلبك وإلا لن تنجو، قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:٢٤]، المسألة ليست فقط ارتفاعاً في قدر الإيمان، بل المسألة مسألة تهديد بأن تكون من الفاسقين، كما قال الله عز وجل: {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [المائدة:١٠٨].