[بنود بيعة العقبة الأولى]
يحكي لنا عبادة بن الصامت قصة البيعة، وكان من الذين شاركوا في هذه البيعة الهامة في تاريخ الإسلام، يقول عبادة: كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلاً، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء، عرفت بذلك لأنها لم يشترط فيها جهاداً ولا حرباً.
وكانت بنود البيعة كالتالي: البند الأول: على أن لا نشرك بالله.
البند الثاني: ولا نسرق.
البند الثالث: ولا نزني.
البند الرابع: ولا نقتل أولادنا.
البند الخامس: ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا.
البند السادس: ولا نعصيه في معروف.
هذه هي الشروط التي على الصحابة.
والجزاء: (فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئاً فأمركم إلى الله عز وجل، إن شاء عذبكم وإن شاء غفر لكم).
البيعة بسيطة في ألفاظها وفي عدد كلماتها، لكنها عميقة في معانيها، فهي تضع قواعد لبناء المجموعة التي من الممكن أن تحمل مستقبل الأمة الإسلامية على كتفيها.
أول بند ذكره هو القضية الأساسية في الإسلام: أن لا نشرك بالله.
العقيدة الصحيحة، لا يقدم أمر على أمر الله عز وجل، لا بد أن يعرفوا ذلك من أول يوم.
أما البند الثاني والثالث والرابع والخامس في البيعة فهي بنود ذكرت لأجل هدف واحد، هو الارتفاع بأخلاق هذه الأمة إلى أعلى مستوى.
لا تقوم الأمة على أكتاف المترخصين في قضية الأخلاق، إن ضاعت الأخلاق ضاع كل شيء، ضاعت السياسة، والاقتصاد، والحكم، والقضاء، والمعاملات، وكل شيء.
إذاً: بعد بند العقيدة الأولى أتى بأربعة بنود من أجل قضية الأخلاق.
أما البند السادس فهو مهم ويحتاج إلى وقفة.
يقول جابر: ولا تعصوني في معروف.
وهذا البند يوضح شيئين لا تقوم أمة الإسلام من غيرهما: الشيء الأول: طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم عصيانه.
الشيء الثاني: أن هذه الطاعة لا تكون إلا في المعروف.
وهذا بند قد يستغربه بعض الناس؛ لأن من البدهيات أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يأمر إلا بالمعروف، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يضع قواعد لمستقبل الأمة الإسلامية حتى يوم القيامة، فالذي يقوم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم في غيابه أو بعد موته لا بد أن يطاع، ولكن لا يطاع إلا في معروف، (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وهذه قاعدة أصيلة في بناء الأمة الإسلامية.