[رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الحديبية في عامهم ذلك دون دخول مكة]
أولاً: البند الأول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرجعون من عامهم هذا فلا يدخلون مكة، وإذا جاء العام المقبل دخلها المسلمون فأقاموا بها ثلاثة أيام، ليس معهم إلا سلاح الراكب، ولا تتعرض لهم قريش، هذه البند الأول.
هل هذا البند في صالح المسلمين؟ رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم هذا العام في صالح قريش؛ لأنه يحفظ لها نسبياً ماء وجهها، لكن قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم في العام المقبل، ودخول مكة دون مقاومة، بل وخروج أهلها منها وعدم التعرض مطلقاً لجيش المسلمين، هذا والله انتصار مهول للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين، ونحن عندما نتذكر ما حدث للمسلمين في مكة صدق مدة ثلاث عشرة سنة من التعذيب والإبادة، ثم بعد ذلك الهجرة وفرار المسلمين بدينهم، وقد تركوا كل شيء في مكة، ثم نتذكر بدراً وأحداً وتجميع قريش للأحزاب وحصار المدينة منذ أقل من سنة واحدة، كل هذه المقاومة القرشية انهارات، وقبل المشركون بفتح باب دولتهم للمسلمين دون مقاومة، أي نصر للمسلمين؟! وأي رفع رأس للمسلمين في الجزيرة العربية بكاملها؟! وأي إراقة لماء وجه قريش وسط الجزيرة العربية؟! أين صقور قريش؟ أين السلاح والعتاد؟ أين العلاقات والأحلاف؟ أين الأموال والاقتصاديات الهائلة لقريش؟ أين كل ذلك؟ كل هذا ينهار أمام دولة المسلمين الناشئة.
إذاً: هذا البند بكل تأكيد في صالح المسلمين، ليس هذا فقط اعترافاً من قريش بدولة المسلمين، ولكن هذا اعتراف أن دولة المسلمين دولة قوية تفتح لها أبواب مكة، ويخرج أهلها منها، وهذا لم يحصل مع أي قبيلة في تاريخ مكة بكاملها، فقريش لم تخرج وتترك مكة المكرمة مفتوحة الأبواب ولا مرة لأي قبيلة من قبائل العرب مهما كانت قوية، وحصل هذا مع المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهذا دليل على أنه أقوى من أي قبيلة في الجزيرة العربية في نظر قريش.