الطبقات الثلاث السابقة هي طبقات مسلمة مؤمنة، والطبقتان الباقيتان هما طبقتان مسلمتان، ولكن منافقتان، ولابد من وجودهما، ليس هناك دولة مسلمة في الأرض بغير منافقين، مهما بلغت درجة التربية، ومهما ارتفعت درجة تطبيق الشرع، فقد وجدوا في أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ووجدوا بعد أيامه، وهم معنا في زماننا، وسيبقون إلى يوم القيامة، فالمنافقون طبقة خطيرة جداً، لعلها أخطر من طبقة الكافرين ظاهري الكفر؛ لأنها طبقة في ظاهرها أنهم مسلمون يتكلمون بكلام المسلمين، ويتوجهون إلى قبلتهم، ولكنهم يبطنون الكفر بالله والكراهية للإسلام، ويخططون ويدبرون ويكيدون لهدم دعائم الدين.
هؤلاء المنافقون ينقسمون إلى طبقتين: الطبقة الأولى: طبقة عامة المنافقين، وهم يقابلون درجة عامة المؤمنين الصادقين، فطبقة عامة المنافقين هم الذين يتأثرون بقول غيرهم، ويسمعون أوامر أسيادهم فيصبحون سوطاً في يد الجلاد، وعصاً في يد الظالم، وقلماً في يد المزور، وهذه طبقة خطيرة وكثيرة.
الطبقة الثانية: طبقة مردة المنافقين، وهم الذين يقودون حملات التشكيك في الدين، ويتزعمون فرق المنافقين الضالة التي تضمر الشر كل الشر للإسلام والمسلمين، هؤلاء أخبث فعلاً من الكفار والشياطين؛ لذلك قال الله عز وجل في حقهم:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء:١٤٥].
هم أسفل طبقات المجتمع، وفي أسفل طبقات النار، وهذه الفرقة المنحرفة من البشر موجودة في كل زمان، فإن الله عز وجل لم يشرع لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن يصرح بأسمائهم لعامة المؤمنين، لماذا؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سيموت وينقطع الوحي، إذاً: لابد من وجود وسيلة أخرى نعرف بها المنافقين؛ لذا وضح الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة الصفات والعلامات التي يتصف بها هؤلاء؛ لكي يتعرف المؤمنون على المنافقين في كل زمان، ولا يعتمدون على الوحي الذي سينقطع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى يوم القيامة.