الخطوة الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم ذكر العائدين بما نسوه، ألم تحدث المصيبة ويحدث الفرار؛ لأنهم أعجبوا بقوتهم وعددهم ولم يذكروا نصر الله عز وجل لهم؟ إذاً: فليتذكر الجميع الآن أن النصر من عند الله عز وجل، فرفع صلى الله عليه وسلم صوته يطمئن المسلمين ويقول: انهزموا ورب محمد، انهزموا ورب الكعبة، ثم رفع يده إلى السماء وابتهل إلى الله في الدعاء وقال في إلحاح: اللهم أنزل نصرك، اللهم إني أنشدك ما وعدتني، اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا، اللهم أنزل نصرك.
في هذه اللحظات العظيمة عولج المرض الخطير الذي أصيب به المسلمون يوم حنين، وأدركوا بما لا يدع مجالاً للشك أن الناصر الحقيقي هو الله عز وجل، واستوعبوا بكل ذرة في كيانهم قول الله عز وجل:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال:١٠] وانتقلت هذه الآية في لحظات يسيرة وسريعة جداً من المفاهيم النظرية إلى الوقائع العملية.
عندما تغير واقع المسلمين بهذه الصورة أذن الله عز وجل للنصر أن ينزل على المسلمين، وكما تعودنا أن ينزل النصر ينزل بصورة لا يتوقعها المسلمون، ليعلم الجميع أن النصر من عند الله عز وجل.