[المهاجرون إلى الحبشة وكيفية تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معهم]
في الحبشة أكثر من (٨٠) شخصاً، وهم عند ملك لا يظلم عنده أحد، لكن الحبشة غير مؤهلة لإقامة دولة إسلامية، وذكرنا تفصيلات ذلك عند الحديث عن دروس الفترة المكية من السيرة النبوية، ولما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وشعر بشيء من الاستقرار، أرسل يستدعي بعض المهاجرين في الحبشة؛ ليساعدوه في إقامة الصرح الضخم الهائل الذي سيقيمه في المدينة المنورة؛ وذلك لأن الدولة الإسلامية تحتاج إلى طاقات كثيرة، وفي نفس الوقت لم يندفع النبي صلى الله عليه وسلم اندفاعاً عاطفياً وأتى بكل المهاجرين الذين كانوا في الحبشة لمساعدة المسلمين، فإنه لو فعل ذلك قد يضيع على المسلمين فرصة بقاء بعض المسلمين؛ لأنه قد يحصل استئصال للقاعدة الإسلامية الموجودة في المدينة، وهذا وارد؛ لأن قريشاً لن تسكت، واليهود لن يسكتوا، والمشركين من الأوس والخزرج لن يسكتوا، والقبائل حول المدينة لن تسكت، وفارس والروم لن يسكتوا، فكل هذه مخاطر ضخمة حول الأمة الإسلامية.
فأبقى صلى الله عليه وسلم عدداً لا بأس به من المهاجرين في الحبشة إلى أن تستقر الأوضاع تماماً، ويطمئن إلى أن دولة الإسلام لا تستأصل، وما جاءت هذه المجموعة إلا بعد صلح الحديبية بعد ست سنوات كاملة، وذلك بعد أن اطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن المدينة المنورة أصبحت دولة لا تستأصل، وقتها جاء كل المهاجرين الذين كانوا موجودين في الحبشة.