[مزايا وخصائص اختيار مكان معركة مؤتة]
مكان معركة مؤتة عبارة عن سهل منبسط ليس فيه جبال ولا عوائق طبيعية من مياه أو أشجار أو أي شيء، وفيه من المزايا ما ييسر على المسلمين عملية القتال.
أولاً: كونه سهلاً منبسطاً يحرم الفريقين من المناورة ومن وضع الكمائن.
يعني: لو أتيح للرومان فعل الكمائن والمناورات لكان هذا الفعل مصيبة بالنسبة للجيش الإسلامي.
ثانياً: أنه عبارة عن أرض صحراوية، والعرب قد اعتادوا على القتال في الأرض الصحراوية، بخلاف الجيوش الرومانية التي اعتادت على القتال في الأراضي الخضراء في الشام وفي تركيا وفي الأراضي الكثيرة الأشجار.
ثالثاً: السهل مفتوح من جنوبه على الصحراء الواسعة، فالرومان لا تجرؤ على التوغل في هذه الصحراء، وبهذا يقدر الجيش الإسلامي أن ينسحب إذا أراد الانسحاب.
رابعاً: في جنوب السهل خلف الجيش الإسلامي بعض التلال، فمن الممكن أن تستغل هذه التلال في إخفاء الجيش الإسلامي وراءها إذا أراد الانسحاب ليلاً.
خامساً: هذا السهل ليست به أي عوائق طبيعية كما ذكرت، ليس هناك أي نوع من الحماية للجندي إلا أن يحتمي وراء سيفه ودرعه، ومن ثم في هذا المكان المفتوح سيظهر أثر الشجاعة والإقدام والتجرد، وهذا الجانب بلا شك يتفوق فيه الجانب الإسلامي تماماً.
الجنود في الجيش الإسلامي يقاتلون على قضية هامة، وعندهم هدف سام جداً، فهم يبحثون عن الموت في سبيل الله، بينما يفتقد جيش الرومان هذا الهدف، فجنود الرومان كالقطيع من الحيوانات لا يدري لماذا يقاتل، ولا يدري ماذا يجني من وراء القتال، وإنما إذا جاء الأمر من القيادة العليا بالقتال فليس عليهم إلا التنفيذ، وإن كان هناك نصر فالذي سيحتفل بالنصر والذي سيسعد به هم القادة والقيصر، وإن كان هناك هزيمة فالجنود هم الذين سيدفعون الثمن من أرواحهم وأبدانهم.
هذا كان شأن الجيوش الرومانية وهو شأن كل الجيوش العلمانية في العالم اليوم.
أما العرب النصارى المشاركون في المعركة فلم يشاركوا فيها إلا طاعة لـ هرقل لا حباً في القتال، ولا يرغبون في ثواب ولا جنة، منتهى أحلامهم أن يرضى عنهم هرقل، وشتان بين من يبحث عن رضا هرقل وبين من يبحث عن رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، بين من يقاتل ليعيش، وبين من يقاتل ليموت.
إن اختيار الأرض المنبسطة بهذه الصورة ستجعل اليد العليا للشجاع على الجبان، وللمقدم على المدبر، وهذا كله في صالح المسلمين، واقتربت ساعة الصفر.