للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كعب بن الأشرف]

شبيه بهذا الموقف في هذه الفترة أيضاً ما فعله صلى الله عليه وسلم مع رجل من يهود بني النضير، كان هذا الرجل يقود حرباً ضروساً ضد المسلمين، ليس كل القبيلة يقودون هذه الحرب، وإنما هو واحد منها كان اسمه كعب بن الأشرف، وهو من قادة بني النضير وزعمائها، هذا الرجل كان يصرح بسب الله عز وجل وبسب رسوله الكريم وكان شاعراً مجيداً ينشد الأشعار في هجاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولم يكتف بذلك الأمر، ولكنه ذهب ليؤلب القبائل على الدولة الإسلامية، ولم يكتف بهذا الأمر، بل ذهب إلى مكة المكرمة، وألب قريشاً على المسلمين، وبدأ يتذاكر معهم قتلى المشركين في بدر، بل إنه فعل ما هو أشد من ذلك وأنكى، وتعلمون أنه من اليهود وهو يعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام رسول من عند رب العالمين؛ سأله القرشيون وهم يعبدون الأصنام، قالوا: أديننا أحب إليك، أم دين محمد وأصحابه، وأي الفريقين أهدى سبيلاً؟ فقال الكافر: أنتم أهدى منهم سبيلاً، وفي ذلك أنزل الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا} [النساء:٥١].

طبعاً هذا الكلام شجع قريشاً على الحرب، ولم يكتف كعب بذلك، بل زاد على ذلك أموراً تخرج عن فطرة العرب وأدبهم بصفة عامة، سواء كانوا في الإسلام أو في الجاهلية، بدأ يتحدث بالفاحشة في أشعاره عن نساء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.

إذاً: كعب بن الأشرف ارتكب عدة جرائم ضخمة، سب الله عز وجل، وسب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وهجى الصحابة، وهجى الصحابيات بأفحش الكلام، وحرض قريشاً على الانتقام لقتلاها في بدر، وكل هذا مخالفة صريحة للمعاهدة بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان في المعاهدة: ألا تجار قريش ولا تنصر على المسلمين، فكل هذه الأشياء جعلت الرسول يأخذ قراراً في منتهى الحسم بقتل كعب بن الأشرف، فقال صلى الله عليه وسلم: (من لـ كعب بن الأشرف؛ فإنه آذى الله ورسوله)، فقام محمد بن مسلمة وعباد بن بشر وأبو نائلة والحارث بن أوس ومجموعة من الأوس رضي الله عنهم أجمعين، وقرروا القيام بهذا الأمر، وبالفعل خرجت هذه السرية وذهبت إلى كعب بن الأشرف وبطريقة فيها تفصيل لا يسمح المجال بذكره هنا، استطاعوا أن يستخرجوا كعب بن الأشرف بحيلة من داخل حصنه، وقاموا بقتله كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبذلك تخلصت الدولة الإسلامية من أحد ألد أعدائها كعب بن الأشرف.