سار عبد الله بن جحش رضي الله عنه في طريق طويل وكفاح مرير، من أيام مكة المكرمة وهجرته إلى الحبشة مرتين، وهجرته بعد ذلك إلى المدينة المنورة، وخروجه في بدر ثم خروجه في أحد، فتعالوا لنرى اشتياق عبد الله بن جحش رضي الله عنه للشهادة، تعالوا نرى الحوار اللطيف الذي دار بينه وبين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قبل بدء المعركة، قال عبد الله بن جحش لـ سعد: ألا ندعو الله؟ فخلوا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب! إذا لقيت العدو فلقني رجلاً شديداً بأسه شديداً حرده أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله وآخذ سلبه، فأمَّن عبد الله بن جحش.
كان دعاء سعد بن أبي وقاص دعاءً طبيعياً، يدعو أنه يقاتل أحد الكفار فينتصر عليه ويأخذ سلبه، لكن انظر إلى دعاء عبد الله بن جحش واشتياقه الحقيقي إلى الشهادة في سبيل الله، قال: اللهم ارزقني رجلاً شديداً حرده شديداً بأسه أقاتله فيك ويقاتلني، ثم يأخذني فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غداً قلت: من جدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت.
يتمنى أن يقابل أحداً من الكفار، فيتقاتلا فيقتله الكافر، ثم يمثل بجثته، فيقطع أنفه وأذنه؛ ليسأله رب العالمين سبحانه وتعالى: من فعل فيك هذا؟ ومن فعل فيك هذا؟ فيقول: فيك يا رب! وفي رسولك صلى الله عليه وسلم، فيقول الله عز وجل: صدقت.
وانظر إلى تعليق سعد بن أبي وقاص على هذه الدعوة، يقول سعد بن أبي وقاص لابنه: يا بني! كانت دعوة عبد الله بن جحش خيراً من دعوتي، لقد رأيته آخر النهار وإن أنفه وأذنه لمعلقتان في خيط.