إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فمع الدرس الحادي عشر من دروس السيرة النبوية في العهد المدني.
وقد تحدثنا في الدرس السابق عن مقدمات غزوة أحد، تحدثنا عن الإعداد الجيد لجيش الكفار، والذي بلغ تعداده ثلاثة آلاف مقاتل بعدة جيدة للحرب.
وكذلك تحدثنا عن الإعداد الجيد للجيش المسلم، وكما ذكرنا في الدرس السابق أن الرسول عليه الصلاة والسلام خرج بألف من رجال المسلمين، ولكن انسحب منهم قبل أن يدخل أرض المعركة (٣٠٠) من المنافقين؛ فأصبح الجيش حوالي (٧٠٠) من المسلمين.
وذكرنا أيضاً أنه إلى جانب الإعداد الجيد توافرت صفات الجيش المنصور في الجيش المسلم الخارج إلى أحد، من إيمان بالله عز وجل، وإيمان برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن إيمان باليوم الآخر، وطلب الجنة والرغبة في الموت في سبيل الله، ومن أخوة وشورى، ومشاركة القائد لجنده وغير ذلك من صفات الجيش المنصور التي تحدثنا عنها بالتفصيل عند حديثنا عن غزوة بدر.
دخل الرسول عليه الصلاة والسلام أرض أحد، واحتل مواقع متميزة فيها، ووضع فرقة من الرماة على الثغرة الوحيدة الموجودة في أرض المعركة، وأكد عليهم مرة وثانية وثالثة عدم التخلي عن مواقعهم مهما كانت الظروف، قال صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن جبير قائد المجموعة:(انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتون من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك، لا نؤتين من قبلك، ثم قال للرماة: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطئناهم فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم) فكانت الأوامر في منتهى الوضوح، لا تفتح أي باب للاجتهاد عند الرماة، بل كلها تحمل معنى واحداً وهو الثبات فوق جبل الرماة.