السمة الثانية في السيرة النبوية هي: روعة وعظمة ورقي الجيل الذي عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المؤمنين، وهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
الصحابة هم خير البشر بعد الأنبياء، يقول صلى الله عليه وسلم:(خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) إلى آخر الحديث.
لقد اختار الله عز وجل الصحابة لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم تماماً كما اختار نبيه صلى الله عليه وسلم، والرسول عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يكتب ولا يقرأ، فكان لا بد من وجود جيل صالح ورع حكيم دقيق لينقل بأمانة وبدقة ما قاله أو فعله أو أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظهر لنا منذ أول لحظات هذه السيرة وحتى خاتمتها أن هذا الجيل كان جيلاً أميناً مضحياً مجاهداً متجرداً لله عز وجل، حريصاً على كل خير، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، باذلاً الوسع كل الوسع لنصرة الله ورسوله ودين الإسلام.
رأينا في هذه المحاضرات مواقف مشرفة لا تحصى في كل المواقف، في مكة والمدينة، في بدر وأحد والأحزاب والحديبية ومكة وتبوك وغيرها وغيرها، وليس فقط في الغزوات أو المعارك ولكن في كل مواقف السيرة، وليس معنى هذا أنهم جيل بلا أخطاء أو أنهم معصومون من الزلل، ولكن كما يقولون: أخطاؤهم تذوب في بحار حسناتهم، كما أنهم بفضل الله كانوا سريعي التوبة من ذنوبهم، سريعي الأوبة إلى الله عز وجل، وفوق ذلك لم يتهم واحد منهم بالكذب أو الخيانة أو التضليل.
هؤلاء هم صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، والذين وصفهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله: كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.