للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظرة الأولية العجلى على العناوين والمقالات تكشف أي منزلة احتلها طه حسين عند هؤلاء باعتباره أول من اقتحم المقدس -حسب تعبيرهم-، وأول من رسخ مبادئ التفكير الديمقراطي الليبرالي، وأول من تجرأ على الاندفاع نحو الغرب، نحو المجتمع الحر!!، وأظهر عن أبرز وظيفة العقل العصياني، وقوض مسلمات التاريخ واللغة والدين، وأوجد أسلوب التمرد على المسلمات والرفض، وإعادة الصياغة لكل شيء، إلى آخر ما هنالك من مدائح حداثية هي عين الإدانة والذم، وهي - في الآن ذاته أمثلة على الانحراف المستشري، وأدلة على مدى ما وصلت إليه الحداثة وأربابها من عداوة لدين الإسلام وقرآنه وسنته ولغته وحضارته.

إن المعاني التي تواطأ عليها الحداثيون في إطرائهم الشديد والمبالغ فيه لسلفهم طه حسين لتؤكد تمام التأكيد أي معنى من الخصام واللدد الذي انحدر إليه سفهاء أهل التكذيب والفساد والمكابرة والشك، بحيث لا يُمكنهم الانصراف عن رأي يكون فيه الهوى والشبهة أساس المرتكز وجوهر الفكرة، بل هم يتهافتون على ذلك تهافت الذباب على موارده، فهم في غياهب جهلهم سادرون ويحسبون أنهم يبصرون، وفي ظلمات شكوكهم سائرون ويظنون أنهم مستبصرون، ولقد تحدث القرآن العظيم عن هذه الطباع الجاهلية الحمقاء المكابرة، وبين مقدار الصلف والعناد الذي جمدت عقولهم عليه، ويبست قلوبهم على سخائمه النتنة.

قال اللَّه تعالى: {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)} (١).


= الندوة، وكتب هادي العلوي "طه حسين والتعصب الديني"، وكتب سيد البحراوي "قراءة في الشعر الجاهلي"، وكتب محمد جمال باروت "طه حسين والمؤسسة الأزهرية"، وكتب محمد عفيفي "الأبعاد الاجتماعية والسياسية لأزمة في الشعر الجاهلي"، وكتب علي فهمي "دلالات التحقيق القضائي حول "في الشعر الجاهلي" ووثيقة عن قرار النيابة الصادر حول كتاب "في الشعر الجاهلي"، وكتب محمد كامل الخطيب "الصراع بين العقلانية واللاعقلانية".
(١) الآية ١٠٣ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>