للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصيدة: (والصورة التي يقدمها تستخدم التضليل المنطقي، وتتكيء على المفهومات المنتشرة بين الفلاحين، وتخدع الفلاحين بمغالطة عجيبة، فهي تبدأ من إيمانهم بالقدر، ثم تدور دورة قصيرة وتعود لتسلخ هذا الإيمان، وتشوه صورة القدر في أذهانهم.

تبدأ هذه الصورة بمناجاة الإله، وبالإقرار الكامل له بالربوبية وملكية الكون ونفاذ القضاء، وحدود الملكية واسعة ترسمها المعالم الطبيعية التي يحس بها كل إنسان، ويحس بها الريفي أكثر مما يحس بها ابن المدنية المكتظة: الشمس الساطعة، والقمر المتألق في سماء صافية، والجبال المطلة على الآفاق.

وتوحي هذه المناجاة لأول وهلة بأن صاحبها على درجة عالية من الإيمان (١)، وأنه يقدم بها لقضية إيمانية تنتهي بالأقرار الأعمق بربوبية الإله، وإظهار آثار قضائه، يتناسب مع مقام الألوهة من حكمة ورحمة.

ولكن الشاعر يتوجه بالعواطف الإيمانية وجهة معاكسة تمامًا فمن مقولة نفاذ القضاء ينتقل إلى صورة قاسية لهذا القضاء، صورة تجعل المشاهد والسامع يخلع إيمانه ويتهم المقدر بقسوة القدر "حاشاه سبحانه". . .) (٢).

وليست هذه المعاني الضلالية وحيدة في كلامه بل لها أشباه ونظائر، ومن ذلك قوله:


= في وزنها بميزان العقيدة الإسلامية، له مؤلفات جيدة منها مقدمة لنظرية الأدب الإسلامي، ومذاهب الأدب الغربي، وهو من سوريا، عمل مدرسًا في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وهو عضو فعال في رابطة الأدب الإسلامي.
(١) مع التنبه إلى ما سبق الإشارة إليه في الفصل الثالث من الباب الأول حيث جعل الشمس والهلال مضافة إلى اللَّه باعتبارها من صفاته، وجعل الجبال عرشًا له -جَلَّ وَعَلَا-، وذلك في قوله: (الشمس مجتلاك والهلال مفرق الجبين، وهذه الجبال الراسيات عرشك المكين) وهذا كله ضلال مبين وإلحاد في أسماء اللَّه وصفاته.
(٢) مقدمة في نظرية الأدب الإسلامي: ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>