للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي موضع آخر يدعو قرينه الشيطان قائلًا:

(أيها الشيطان يا مركبتي فوق النجوم. . .

أهجرُ الأحلام في أهدابك المرتجفة

وابْقَ في حنجرتي

أيها الشيطان يا مركبتي تحت النجوم) (١).

ولا يكتفي بشيطان واحد يقترن به بل يخترع شياطين أخرى ويدخل معهم في سياق، وهم أتباعه وأشباهه من الحداثيين، يقور: (أبتكر ماءً لا يرويني، كالهواء أنا ولا شرائع لي - أخلق مناخًا تتقاطع فيه الجحيم والجنة، أخترع شياطين أخرى وأدخل معها في سباق وفي رهان) (٢).

وفي حوار أجراه بين امرأة ورجل، ويريد نفسه بذلك، جعل نفسه من سلالة الشيطان، وهذه حقيقة من جهة عقيدته وأفكاره، وفي قوله هذا تمجيد للشيطان، وإجلال وتعظيم، وقد أوضحت آنفًا مراده بهذا، يقول أدونيس على لسان المرأة التي تسأل:

(- من أنتَ؟

- بهلول بلا مكان

من حجر الفضاء من سلالة الشيطان) (٣).

وهكذا -بعيدًا عن أي التباس أو توضيح- يرسم أدونيس لنفسه وللحداثيين شجرة النسب غير الزكية، ويوضح موقعهم من هذه الشجرة: إنهم من سلالة الشيطان.

وهو إذ يكشف هذه الحقيقة لا يزيد القضية إلّا تأكيدًا فمن اطلع على


(١) المصدر السابق ١/ ٣٤٥.
(٢) المصدر السابق ١/ ٤٠٥ تحت عنوان "مزمور" وكان يعتبرها كلامًا نثريًا ثم بدا له أن يعتبر شعرًا وقرر ذلك في عام ١٩٦٥ م كما ذكر ذلك في ١/ ٦.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>