للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلتهنأ الحداثة بأساتذتها الذين يرون الجنون والعبث أصالة للحياة النفسية!! ولتغتسل الحداثة بالبول على أنه الطهر، والنظافة ولتأكل من كل قمامة على أنها أشهى الطيبات وأحسن الموائد، فإن ذلك كله من الإبداع!!!.

وفي مقابلة مع أنسي الحاج يقول واصفًا الإبداع: (إنها الشهوة، شهوة الوصول. . . شهوة الذوبان، الإفلات، التبذير، الانتقام، شهوة القول، شهوة التسلية الشهوة الجنسية. . . شهوة الانتهاك. . .) (١).

ولما سئل عن آخر صرعة من صرعات الحداثة "قصيدة البياض" قال: (لم أدرس جيدًا ولا قرأت من هذه القصائد، بالفرنسية أو بالعربية، ما يسمح لي أن أبدي رأيا في هذا النوع كنوع، الآن بين القصائد التي تسنت لي قراءتها ما يقوم على لعبة تستهويني، لعبة عبثية يشتغل فيها العقل، بمنتهى الدقة والتقشف، لحساب هاوية تناديه. . . أنا مع التجارب كلما كانت نابعة من حاجة ذاتية، من الرفق الخلاق، مع التجارب حتى النهاية مع تجارب لا حدود لها، أنا ضد الشعوذة، ضد الزيف، ضد التقليد، ولكني مع المغامرة، مع التجرؤ، مع اللعب، مع التغيير، مع الصدم، بل أنا مع الفضيحة. . .) (٢).

وفي كتاب "خواتم" يقول: (. . . إن الكتابة عبث، فلماذا لا تكون، فور ذاك، تمريغًا لعبث الوجود بعبثها، ولمحدودية الخلق بلا محدودية جنونها وهدمها. . .) (٣).

ويقول: (الكتابة هي دائمًا فعل تخريبي. . . الكاتب التخريبي لا يتقصد أن يكون كاتبًا تخريبيًا، إنه لقاء الفطرة ونداء الأشياء. . . إنه قدر الضالين سواء السبيل المعبد للعبيد، ومهما سالم الكاتب التخريبي سيظل "يصيب"،


(١) قضايا الشعر الحديث: ص ٣١٧ - ٣١٨.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٢٤ - ٣٢٥.
(٣) خواتم: ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>