للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعروفة، لم يفهم شيئًا فهو لا يتكلم اللغة العربية انتظرت طويلًا تحت شمس حارقة ورأسي عاريًا سألته ما بالك لا تحتفل بخطبي وكان يحفل بها الناس في كل أنحاء العالم؟ وهز رأسه علامة عدم الفهم، ثم لمحت وجه امرأة يقترب من بعيد. . . كانت زوجتي القديمة، توسلت إليها أن تتوسط لي لدى رضوان قالت لن تشفع لك إلّا زوجتك الجديدة. . . رأيت المنادي ينادي: يا أهل الآخرة غضوا أبصاركم حتى تمر زوجة الإمام. . . فسلمت عليها وقلت لها: لقد كتبت في الدنيا خطبًا كثيرة كنت أبدؤها باسم اللَّه وأختمها بالصلاة على النبي فحق لي بذلك دخول الجنة. . . وأشارت إلى أن أتبعها فتعلقت بذيل فرستها، لم تكن الفرسة تمشي على الأرض لشدة الزحام وكثرة إشارات المرور، رأيتها تطير في الجو أجنحة من الفولاذ، ورأس صغير مدبب كرأس صاروخ من آخر طراز، قلت: ما هذا؟ قالت: أنعم اللَّه عليك بطائرة جديدة بدل الفرسة القديمة، وركبت في مقعدي في الصف الأول وإلى جواري ريس الأمين، ومن شق الباب لمحت وجه قائد الطائرة. . . وعند الإقلاع جاءنا صوته من سقف الطائرة يتلو آيات القرآن ويدعو اللَّه أن يحمي الطائرة من السقوط، أقلعت الطائرة بعون اللَّه. . . واهتزت الطائرة فربطنا الأحزمة على البطون وعاد الصوت من السقف يقرأ القرآن ويدعو اللَّه أن يحمي الطائرة من السقوط أثناء الهبوط، وانزلقت عجلات الطائرة فوق أرض خضراء ملساء ناعمة كالسندس وقلت وصلنا الجنة؟ وقالت زوجتي الشرعية: ليس بعد ولن تدخل الجنة قبل أن يشفع لك المسيح، وتسدد ديونك في الدنيا. . .) (١).

هذا نموذج آخر -وليس الأخير- للعبث الحداثي، والفوضوية العلمانية الموجهة قصدًا وعمدًا إلى ديننا وعقيدتنا، نموذج يجمع دمامة الفكر وانحطاطه مع دمامة الأسلوب والتركيب، في منهج يراد له أن يكون الوسيلة السريعة لتشويش الأفكار وتحطيم العقائد والمثل، وتهديم قواعد الإيمان.


(١) سقوط الإمام: ص ١٢١ - ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>