للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَّا في المضمون فإن هذا الذي شرحه حسن حنفي في كلامه يوصل إلى مستنقع الحداثة والعلمانية.

وهذا القول الذي قاله حسن حنفي عن الطواف والسعي هو عين ما قاله عزيز العظمة في دفاعه عن نظيره سلمان رشدي في آياته الشيطانية، حيث يتضامن هذا مع ذاك في حرب وثنية معاصرة ضد الإسلام وقضاياه، حرب مدفوعة التكاليف، مدعومة الاتجاه، محمية من الصليبية والصهيونية العالميتين، ولكن هذه المرة تحت شعارات التحرر الفكري الذي ينادي به الغرب المنحاز ضد الإسلام، انحيازًا له جذوره العميقة في نسيج المجتمعات الغربية، وينفذه بعض أبناء البلدان المسلمة الذين صنعوا على أعين الغرب، فاذا بنا نراهم وهم لا يضمرون للإسلام إلّا شرًا، ولا لدعاته إلا عداوة ولا لشريعته إلّا تنكرًا، عادوه لأنه ضد شهواتهم المحرمة، وعقائدهم المظلمة، ومظالمهم المفترسة، ومصالحهم الآثمة ومطامعهم الفاجرة.

يقول عزيز العظمة مهاجمًا مغالطًا كاذبًا: (إن التوحيد الإسلامي ولد على تخوم الوثنية وغيرها من الأديان،. . . إنه تعاطى مع الوثنية المكية، الطواف، السعي، تقديس الحجر الأسود، ولا تمتنع الدبلوماسية الدينية التي مارستها عبقرية محمد) (١).

وقد نقل أدونيس في تلمود الثابت والمتحول كلام الزنديق ابن الراوندي في جحده للنبوة وهو يشبه كلام حسن حنفي وعزيز العظمة، وأيد ذلك على أساس الانتصار للعقل حسب زعمه (٢).

إن العقول الكليلة لا تعرف الحقيقة على وجهها، وأنى لها أن تعرفها وقد غطت المادية وإباحيتها وظلاميتها وحيوانيتها على عقولهم فأصبحوا يمارسون العنصرية الفكرية في عداء عنيف، وليس هناك أشد من عداء


(١) مجلة الناقد، العدد التاسع آذار ١٩٨٩ م/ ١٤٠٩ هـ: ص ٩.
(٢) انظر: الثابت والمتحول ٢ - تأصيل الأصول: ص ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>