للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(من مساجد تلك القرى وهي تنهار في ليلها المطمئن) (١).

أمَّا صلاح عبد الصبور فإنه يصف أحدهم بأنه يدعو، ولكن من المدعو؟ إنه إله النعمة الأمين، وهي تسمية تهكمية واضحة المغزى، وبم يدعو؟ أن يرعاه حتى يصلي ويزكي ويبني مسجدًا وكنيسة وخانًا، في مزيج تدنيسي استهزائي جلي المقصد والمعنى (٢).

أمَّا النصراني يوسف الخال فإنه يمت إلى بني ملته في الغرب بكل صلة، إلى حد أنه جعل لفكرهم المادي، ومذاهبهم الهدامة في كل جارحة مصلى، لم يستطع من فرط شغفة وحبه لأهل عقيدته أن يخفي مشاعره الفياضة، في الوقت الذي هاجم فيه أبناء المسلمين وبلادهم وديارهم ومساجدهم وامتدح الصلبان والأوثان والجاهلية المعاصرة، يقول الخال:

(شعاع الغرب أي شعاع خير له في كل جارحة مصلى

مددت يدًا نصافحها وفاءً فأنت أحق من يوفي وأولى) (٣)

ويقول محمد الماغوط واصفًا الوحل الذي ينقله القطار العائد من الحرب:

(ينقل في ذيله سوقًا كاملًا

من الوحل والثياب المهلهلة

ذلك الوحل الذي يغمر الزنزانات

والمساجد الكئيبة في الشمال) (٤).

ولماذا لم يقل أنه يغمر الحانات والمراقص والمجالس النيابية العلمانية؟؛ لأن هذه المواخير الخلقية أو السياسية أغلى عنده وأعز من


(١) ديوان سعدي يوسف: ص ١٣٩.
(٢) انظر: ديوان صلاح عبد الصبور: ص ١٥١ - ١٥٢.
(٣) الأعمال الشعرية للخال: ص ٨٨.
(٤) الآثار الكاملة للماغوط: ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>