وشكر المنعم بالوجود والحياة والعقل وسائر النعم واجب أخلاقي متحتم، وعدم شكره والاستكبار عليه رذيلة أخلاقية شنيعة، فيها الكبر والكذب والتكذيب وكراهة الحق، والظلم إضافة إلى ما في لوازم ذلك من فساد كبير في الأخلاق والسلوك والعمل.
٢ - أن النفس الإنسانية منذ تكوينها وتسويتها أُلهمت فطرتها إدراك طريق الفجور، وأعظمه وأخبثه الشرك، وطريق التقوى وأعظم التقوى التوحيد والإيمان، وهذا الحس الفطري الذي تدرك به الخير والشر والحق والباطل في بعض أوجهه فضيلة خلقية يسعى المؤمن في تنميتها وتزكيتها، ويسعى الكافر فى تدسيتها ودفنها والهبوط بها {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (١٠)} (١) فالإيمان باللَّه وبدينه ورسوله أعظم ما يعتنقه المكلف، والكفر أشنع ما يعتنق، وبالإيمان تتزكى القلوب والأعمال والأخلاق، وتشرق حياة الإنسان بالعمل الصالح والخلق القويم، وبالكفر تتدنس القلوب والأعمال، وتظلم حياة الكافر بالعمل الفاسد والخلق الدنيء.
ومن نظر في حياة المؤمنين الصادقين وأخلاقهم وأعمالهم، وحياة الكافرين والمنافقين والمشككين وأخلاقهم وأعمالهم، وجد البون الشاسع والفرق الهائل، الذي هو أعظم في سعته من الفرق بين الثرى والثريا، وأكبر في حقيقته من الفرق بين البصل والمسك، وأجلى في ذاته من الفرق بين التراب والجوهر.
ومن تأمّل أحوال فلاسفة الأخلاق القدماء والمعاصرين وقارنها أدنى مقارنة مع أحوال الأنبياء وأخلاقهم تبينت له هذه الفوارق، وما ذلك إلّا لما في الكفر من ظلام وتخبط وفساد، وما في الإيمان من نور واستقامة وصلاح.
٣ - أن النظرة المادية التي تسلطت على أفكار فلاسفة الغرب الماديين