للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} (١).

وهذه الآية تنطبق على أهل الحداثة، الذين فروا من عبادة اللَّه وتمردوا على ألوهية اللَّه تعالى، زاعمين أنهم ينشدون الحرية ويلتمسون طرق التقدم. .، لكن واقع حالهم أنهم ارتكسوا في أحط أنواع العبوديات، وانحطوا إلى دركات الشرك، فألهوا المناهج والنظم، وعبدوا ذواتهم وعشيقاتهم والأمكنة والأزمنة، والشجر، والحجر وقبور شياطين الإنس مثل لينين وتماثيل الشيوعية في موسكو وبرلين، وغير ذلك من أنواع التيه والضلآل {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٨)} (٢).

فقد بين اللَّه تعالى فساد عقائد أهل الشرك قديمهم وحديثهم وأوضح لهم بالحجة والبرهان أن الذين يعبدولهم من دون اللَّه ليسوا سوى أوثان، سواء كان المعبود تمثالًا من حجر أو شجر، أو شخصًا أو وضعًا، أو مبدأ ضالًا أو مذهبًا منحرفًا، أو قانونًا أو دستورًا كفريًا، أو أدبًا أو أديبًا أو زعيمًا، أو غير ذلك مما يتوجه له بالطاعة والخضوع والاتباع والمحبة، أو مما تضاف إليه العبادة قولًا أو فعلًا، كلها أوثان سخيفة، لا يستندون في عبادتهم لها إلى دليل أو برهان، وإنما يخلقون إفكًا، ويخلقون باطلًا، ويبتدعون ضلالًا من تلقاء أهوائهم، بعيدًا عن مقتضيات العقل السليم والفطرة القويمة.

وهذه الأوثان لاتقدم لهم نفعًا، ولا تملك لهم رزقًا. . وكل معبود من دون اللَّه فهو بهذه المثابة وثن مختلق لا يملك شيئًا، قال اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ


(١) الآية ١٦٥ من سورة البقرة.
(٢) الآيتان ١٧ - ١٨ من سورة العنكبوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>