للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من قلبه المورق بالغار

إنسانك العملاق ظل الإله) (١).

أمّا الشخصية الثانية في درب الحداثة العربية فهي نازك الملائكة -على خلاف بين الحداثيين أنفسهم من هو البادي بهذا البلاء- وقد سلكت نفس المسالك وإن كانت أقل غلوًا من غيرها في ذلك من أيام نشوتها الحداثية، ثم إنها أحست فيما بعد بفداحة هذا الاتجاه وخطورته فقالت بعد أن وصفت اضطرارها لشعر التفعيلة: (. . . لم يكن يدور في خلدي أن أناسًا من الشعراء سيتخذون عملي الاضطراري سنة يحتذونها في منشوراتهم الشعرية ودواوينهم. . . أرفع صوت احتجاج على زملائي الشعراء الذين أصبحوا يكتبون شعرًا موزونًا على الأسلوب العربي، ثم يدرجونه وكأنه شعر حر، فإن هذا العمل لا يزيد القاريء العربي إلّا بلبلة وجهلًا. . . . .) (٢).

وتقول: (. . . وقد يعجب بعض الشعراء من قلة هذا العدد بالنسبة لقصائد الديوان؛ لأنهم ألفوا أن يروا طائفة من الشعراء وقد تركوا الأوزان الشطرية العربية تركًا قاطعًا وكأنهم أعداء لها وراحوا يقتصرون على نظم الشعر الحر وحده في تعصب وعناد. . . أحب الشعر العربي ولا أطيق أن يبتعد عصرنا عن أوزانه العذبة الجميلة، ثم إن الشعر الحر كما بينت في كتابي "قضايا الشعر المعاصر" يملك عيوبًا واضحة أبرزها الرتابة والتدفق والمدى المحدود وقد ظهرت هذه العيوب في أغلب شعر شعراء هذا اللون. . .، وإني لعلى يقين من أن تيار الشعر الحر سيتوقف في يوم غير بعيد، وسيرجع الشعراء إلى الأوزان الشطرية بعد أن خاضوا في الخروج عليها والاستهانة بها. . . .) (٣).


(١) المصدر السابق: ص ٥٠٤.
(٢) ديوان نازك الملائكة ٢/ ٤١٥ - ٤١٦ وهي من مقدمة مجموعة قصائد بعنوان شجرة القمر تاريخها ٢٨/ ٣/ ١٩٦٧ م/ الموافق ربيع أول ١٣٨٦ هـ.
(٣) المصدر السابق ٢/ ٤١٧ - ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>