للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، والإسلام الدولة، حفاظًا على الأول حين تستنكر أن يكون الثاني نموذجًا للاتباع أو حين يعجزك أن تجد صلة واضحة بين هذا وذاك، فالأول رسالة والثاني دنيا، وقد أنزل اللَّه في الرسالة ما ينظم شؤون الدنيا في أبواب وترك للبشر أبوابًا دون أن يفرِّط في الكتاب من شيء، وإنّما يسع برحمته بشرًا هم أعلم بشؤون دنياهم من السلف، ويترك لهم أمورًا تختلف باختلاف الأزمنة لا يترك لهم فيها إلّا قواعد عامة، إن اتسع أفقهم أخذوا من غيرهم وتأقلموا مع زمانهم دون خروج على صحيح الدين أو كفر به. . .) (١).

بهذا المنظار وهذه الطريقة يتناولون تعاليم الإسلام وتاريخه، وعلى هذا المنهج يسير دعاة الحداثة والتغريب في الأدب والفكر، فالأسلوب واحد، والمواقف متعددة، وكلها تدور حول عزل أعمال الإنسان ومناشطه عن صراط اللَّه المستقيم وإفساح المجال له ليكون عبدًا في حكمه أو في فكره أو في نتاجه الأدبيّ لأي شيء إلّا الإسلام فقد اتخذوه وراءهم ظهريًا واستدبروا أحكامه.

ولا فرق في هذه المسألة بين من يطالب بإلغاء شريعة الإسلام من الحكم والأنظمة والدساتير والدول، ومن يطالب بإبعاد موازين الجلال والحرام والجائز والمحرم عن النتاج الأدبي والثقافي، إذ نهاية هذا القول وذاك تؤدي إلى اتهام دين اللَّه بالقصور، بل واتهام اللَّه -تعالى- بالجهل وعدم الحكمة، واتهام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بالغفلة والسفه -قدسه اللَّه وأجله عما يقول العلمانيون والحداثيون-.

وفي الاستشهاد السابق بأقوال فرج فوده (٢) تأسيس لفكرة هذا البحث الذي يدور حول الانحراف العقدي في الأدب الحديث، حيث تشترك أقلام


(١) المصدر السابق: ص ١٩.
(٢) هو: فرج علي فودة أحد طواغيت العلمانية في مصر، له كتب عديدة يهاجم فيها الحكم الإسلامي، والمنادين بتطبيق الشريعة الإسلامية ويطعن في الإسلام وتاريخه، حتى قُتل في ١٨/ ١٢/ ١٤١٨ هـ - ٨ يونيو ١٩٩٢ م. انظر: ما كتبت عنه مجلة أدب ونقد في عددها الصادر بعنوان "فرج فودة شهيد العلمانية وحرية الفكر" عدد ٨٣ يوليو ١٩٩٢ م، محرم ١٤١٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>