للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كلامهم الدال على استخفافٍ باللَّه تعالى قول النصراني جبرا عن النصراني الآخر توفيق صايغ: (. . . كان توفيق شخصًا مختلفًا عن خليل، وكان يعبر عن حسه الفاجع، أو حسه بالعقم، بشكل آخر لا عن طريق الغضب بل عن طريق المحاججة الدينية، كان يجادل اللَّه، يجادل المسيح يجال نفسه، يجادل مجتمعه، وكان دائمًا يخرج بنتيجة أن هذه القوى كلها لا تؤدي به أو لا تتخطى به العقم الذي يرفضه هو) (١).

وهذا الاجتراء على اللَّه تعالى سمة من سمات يحموم الحداثة، ومسلمة من مسلماتها، فها هو يتحدث بعفوية تامة وبشكل طبيعي عن ازدراء قرينه الصائغ للَّه تعالى، وهو دليل على ازدرائه هو واستخفافه بمقام اللَّه العزيز الجليل، ثم الوصول إلى النتيجة الإلحادية أن اللَّه تعالى والإيمان به لا يتخطى به العقم، وتاللَّه أن الكفر الذي تقلبوا في رمضائه هو العقم بعينه، وهو المحل والجدب في العقول والأرواح ولكن الذين كفروا لا يفقهون.

ويعبر البياتي عن هذا الاستخفاف بقوله:

(رأيت الإله على المقصلة

رأيت الديوك على المزبلة) (٢).

وفي دعوة إلى الثورة الماركسية أو الحداثية أو الإلحادية يتحدث عن "عائشة" رمز الفكرة المتنورة والحداثة المتجددة، ثم يدعو إلى الثورة على الطغاة وهو رمز شرحه أدونيس في الثابت والمتحول (٣)، وبين أنهم يقصدون به اللَّه تعالى، ثم يدعو البياتي بعد ذلك إلى الثورة على الدين ورمز له بالآلهة العمياء وهي إشارة صريحة إلى اللَّه تعالى، ثم الثورة على القضاء والقدر، فيقول خيب اللَّه آماله:

(عائشة ليس لها مكان


(١) قضايا الشعر الحديث: ص ٢٠٢.
(٢) ديوان البياتي ١/ ٤٩٢.
(٣) انظر: الثابت والمتحول ٣ - صدمة الحداثة: ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>