للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأدب له جانبه الفكريّ الخاص الذي لا يُمكن إغفاله. . .) (١).

فإذا كانت الوجودية وهي المتمردة على العقائد والقيم تعد الالتزام بالحرية أحد مبادئها، فإن نظيرتها في التفرع من شجرة المادية وهي "الذرائعية" هي كذلك تقوم على عقيدة وفكرة معينة: (. . . وقد كان للبرجماتية (٢) بعض التأثير في تطوير الأدب ذي النزعة الطبيعية في العالم الذي يذهب إلى تصوير حياة بلا مبادئ) (٣).

إذن فكل عمل أدبيّ فنيّ لابد أن ينشأ من عقيدة وينتج من فكر معين وفلسفة معينة للحياة والكون والإنسان والخالق -سبحانه وتعالى-، والعلاقة بين الخالق والمخلوق، ويستوي في ذلك الذي يستهدي بالوحي المعصوم والذي يستهدي بالفلسفات المادية المعاصرة أو الجاهليات والوثنيات القديمة أو الحديثة في كون كل منهم ينبثق في إنتاجه من العقيدة التي يؤمن بها، وذلك لأن الخبرات النظرية لأي إنسان عاقل هي مجموعة معلوماته الاعتقادية والفكرية والسياسية والفنية والاجتماعية إضافة إلى تجاربه وممارساته العملية، ومن خلال كل هذه المعطيات تتكون هذه الخبرات النظرية التي تنتج من خلال التجربة الشعورية أدبًا، أو من خلال التجربة الفكرية فكرًا وثقافة، وأهم مكونات هذه الخبرات النظرية، والدائرة التي تحيط بها وتضم كل مفرداتها هي "العقيدة" سواء كانت عقيدة صحيحة أو فاسدة.

إن الإنسان -أي إنسان- في القديم أو في الحديث لابد له من عقيدة تربطه وتحدد مساره وفكره وأعماله.

وحاجته إلى العقيدة حاجة فطرية ملازمة للإنسان في كل زمان ومكان، بغض النظر عن كون هذه العقيدة سماوية مما أوحاه اللَّه إلى الأنبياء، أو أرضية مادية من صنع الإنسان كألوان الفلسفات الإلحادية المعاصرة ذات الأسماء والمناهج المختلفة والمتعددة، فالملحد الماركسيّ الشيوعيّ -مثلًا-


(١) المصدر السابق: ص ٣٠١ - ٣٠٢.
(٢) سيأتي في أثناء البحث شرح لمعنى البرجماتية، وتفصيل لأهم مدلولاتها.
(٣) معجم المصطلحات الأدبية: ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>