للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العربية هذا الاختلاط العجيب كاد ينسينا أن لنا روحًا خاصة بنا تنبض بنبضات ضعيفة، تثقل تحت ثقل تلك الروح الغالبة، وأن أول واجب عليكم استخراج أحد العنصرين من الآخر، حتى إذا ما تم تمييز الروحين كان لنا أن نأخذ أحسن ما عندهما، لابد أن نعرف إذن ما المصري وما العربي؟) (١).

وفي ضوء هذه التصورات التي شكلتها أقلام النصارى العرب وغير العرب وأتباعهم من أبناء المسلمين نجد أن دعوات التجديد والتحديث في الأدب التي لهج بها الكثيرون في البلاد العربية قامت على أساس من معاداة الإسلام أولًا ثم معاداة العربية ثانيًا، باعتبار أن الإسلام والعرب ولغتهم وجهان لعملة واحدة.

ولو ذهبت استعرض كل أوجه وأمثلة الشعوبية في الأدب العربي الحديث لطال المقام.

ويكفي أن نستدل بحركات الإحياء الوثني الفينيقي والفرعوني والمتوسطي والآشوري والسومري والنصراني على أن دعوات التجديد تلك امتطت هذه الدعوى العريضة من أجل الهجوم على الإسلام وعلى العرب أصل الإسلام ومعدنه، وعلى اللغة العربية لغة القرآن والسنة والعلم الشرعي.

وأبرز هؤلاء وأشهرهم الباطني علي أحمد سعيد أسبر "أدونيس" الذي وصف نفسه وامتدحها تحت قناع الاسم الذي اخترعه "مهيار الدمشقي": (أما مهيار الذي سمى نفسه به مضافًا إليه "الدمشقي" أحيانًا كثيرة، فهو مهيار الديلمي الشاعر الفارسي الشعوبي، الذي ينير اسمه أعذب الذكريات لدى أدونيس فلكثرة إعجاب أدونيس به سمى نفسه مهيار، وللتفريق بينهما أضاف "الدمشقي" وهي كلمة ترمز إلى تلك المرحلة السورية للفتح العربي، والتي شهدت وجود شخصيات فكرية معروفة مثل يوحنا الدمشقي وسواه، وكل ذلك أمور لها دلالتها عند أدونيس وعند القارئ معًا) (٢).


(١) مجلة الرسالة عدد ١٠ عام ١٣٥٢ هـ/ ١٩٣٣ م: ص ٥. انظر: الصراع بين القديم والجديد ٢/ ٦٧٣.
(٢) قضايا الشعر المعاصر: ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>