للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديمومة والبعث والخصب، ثم يحاول أن يوجد لهذه الأوثان قاعدة عند العرب فيقرر أن هذا الرمز "تموز" ليس جديدًا علينا كأمة فيها من العادات والمعتقدات الشعبية كثير من أسطورة تموز بأشكالها (١).

وهذه محاولة تسويقية، وتغطية على الاستعارة الوثنية، والتقمص الفكري الهش للغرب، وفي الحقيقة أن جبرا وأتباعه من شعراء الحداثة وخاصة عصابة شعر قد أخذت هذه التسمية وغيرها من الرموز الأسطورية الوثنية، ومن كتاب "الغصن الذهبي" لجيمس فريزر (٢) مرجعية فكرية، وقد قام جبرا في عام ١٩٥٧ م بترجمة جزء "أدونيس أو تموز" من هذه الموسوعة (٣) وتأثر بها غاية التأثر واستنسخ أفكارها وعممها بشكل دعائي من خلال مناشط حركة شعر.

(وتعتبر موسوعة الغصن الذهبي لجيمس فريزر التي صدرت عام ١٨٩٠ م في طليعة الدراسات الأسطورية التي أثرت بشكل بارز في الأدب العالمي إلى الحد الذي دفع البروفسور بكي إلى اعتبارها "مصدرًا يكاد لا ينضب للأساطير والرموز المركزية في أدب القرن العشرين" وقد برز تأثير فريزر في قصيدة أليوت الشهيرة "الأرض الخراب" التي تعرف إلى رموزها، وخاصة ما يتصل منها بالخصب، وشرحها اعتمادًا على فريزر، وهذا ما أشار إليه أليوت نفسه، ويمتد تأثير فريزر إلى النقد أيضًا. . . وقد ترجم جبرا إبراهيم جبرا عام ١٩٥٧ م جزء "أدونيس أو تموز" من هذه الموسوعة بشكل ممتاز) (٤).

وهكذا تتسلسل عملية التأثر بالغرب عند أصحاب الحداثة العربية، من فريزر إلى أليوت، ومن تموز إلى الأرض اليباب، التي كان لها أبلغ الأثر في نتاج كثير من شعراء الحداثة، وأولهم وطليعتهم بدر شاكر السياب الذي


(١) انظر: الحداثة الأولى: ص ١١٣ - ١١٤.
(٢) جيمس فريزر سبقت ترجمته: ص ٩٤.
(٣) انظر: الحداثة الأولى: ص ١٦٤ - ١٦٥.
(٤) الحداثة الأولى: ص ١٦٤ - ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>