للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدونيس ولعازر والمسيح وأوزوريس وفينيق. . .

٣ - التعبير عن العذاب والآلام التي يواجهها الإنسان المعاصر، وهنا تعود رموز المسيح وبرمثيوس وسيزيف إلى الظهور.

وقد كان السياب بحكم موقعه الزمني، شديد البحث عن الرمز لا يهدأ له بال، وكانت حاجته إلى الرموز قوية بسبب نشوبه في أزمات وتقلبات نفسية وجسمية، وبسبب التغيرات العنيفة في المسرح السياسي بالعراق (١) حينئذ، ولهذا يصلح أن يكون السياب نموذجًا للشاعر الذي يطلب الرمز في قلق من يبحث عن مهدئ لأعصابه المستوفزة، فهو يتصيده حيثما وجده (٢)، وقد تأثر كثيرًا بذلك الفصل الذي ترجمه الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا من كتاب "الغصن الذهبي" عن البطل الأسطوري "أدونيس"، وبهذا يكون السياب قد فتح المجال بعده لمن شاء أن يستخدم الرموز، وإن تجاوز، بعضهم في القدرة على الاختيار وفي طريقة الاستخدام، على أن السياب نفسه قد تطور كثيرًا في كيفية استغلال الأساطير والرموز، ابتداءً من اتخاذها نماذج موضحة "كما في قصة يأجوج ومأجوج (٣) في قصيدة الموسى العمياء") (٤).

وفي هذا النص المنقول كفاية عن نقل نصوص أخرى من نقاد حداثيين عنوا بدراسة ظاهرة الأسطورة والوثنيات في الأدب العربي الحديث، من نشأتها في الغرب إلى استيرادها في بلاد العرب وأبعاد ذلك، مع ذكر أمثلة وتحليلات وشروحات، يظهر في أكثرها -إن لم أقل كلها- الإشارة والتبجيل لهذا الاتجاه


(١) لاحظ أن هذه الأسباب تبريرية بحتة، ولم يذكر فيها الانحراف الاعتقادي الذي قاد السياب وغيره من الشعراء والنقاد إلى الولوع بالوثنيات والأساطير، وسبب ذلك أن إحسان عباس نفسه في داخل مدار الانحرافات الاعتقادية الحداثية.
(٢) كالمستجير من الرمضاء بالنار، ومن لم يجعل اللَّه له نورًا فما له من نور.
(٣) يأجوج ومأجوج حقيقة ثابتة وليست أسطورة، والقول بأنها أسطورة تكذيب بالقرآن وكفر بواح، وقد تكرر من هذا الكاتب جعل الحقائق الثابتة في الوحي المعصوم أساطير، وقد سبق التعليق عليها مثل المسيح ويحيى والخضر عليهم السلام والإسراء والمعراج والمهدي المنتظر.
(٤) اتجاهات الشعر العربي المعاصر لإحسان عباس: ص ١٢٨ - ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>