ومع وجود الدواعي السياسية للبعد عن اليهود في الفترة الماضية نجد أن أدباء الحداثة لم يسلموا من تأثير الرموز والمصطلحات اليهودية في نتاجهم.
أما المفاهيم والمذاهب والأفكار والفلسفات التي ابتدعها اليهود لتخريب البشرية، أو التي وجدوها صالحة لهذا المقصد فاستخدموها، فكثيرة عديدة، ولا يكاد يسلم من التأثر بها حداثي.
وإذا اعتبرنا أن الحداثة والعلمانية نتاج يهودي، أو نتاج غير يهودي استفاد منه اليهود وركبوا متنه للوصول إلى مآربهم، فإنه بلا ريب ما من حداثي أو علماني إلّا وهو متأثر باليهود، وهو في قيادهم من هذه الناحية.
فإذا أضفنا إلى ذلك العقائد التي مازجت الحداثة وهي من إنتاج اليهود صراحة مثل الوجودية والماركسية، أو التي شارك في نشأتها ونشرها يهود مثل البنيوية والسوريالية، فإنه يُمكن القول حينئذٍ بأنه لم يخل حداثي من الانغماس في هذا الخوض الآسن، ولم يسلم أحد منهم -وإن أعلن وادعى العداوة لليهود- من أن يكون عاكفًا على عِجْلهم أو لاعقًا من تراب العاكفين عليه.
فإذا كان هذا الذي قلناه على وجه العموم له ما يؤكده أو يؤكد بعضه على وجه الخصوص، فإن القضية تصبح أشبه بالمسلمات.
إذا نظرنا إلى نصارى الحداثة من العرب وجدنا أنهم أقرب أهل الملة الحداثية، إلى الملة اليهودية، ولنأخذ على ذلك مثالين من شخصين لهما في ملة الحداثة القدم السائخ:
الأول: يوسف الخال الرائد الحداثي وقدوة الأجيال الحداثية من بعده، والذي تجد له في نفس كل معتقد للحداثة المقام الأسمى والمنزلة العظمى، ولو خالفه في المنهج التفريعي داخل سراديب الحداثة.
هذا النصراني الذي يحارب القديم ويجعل اتّباعه من نواقض النهضة والتقدم، وينادي بهدم وإلغاء كل سالف شأنه في ذلك شأن أدونيس، لكنه