للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيروت في مطلع العام ١٩٥١ م في "النشرة" تحت عنوان "الشاعر الأول" تكمن أهمية المقال في رؤية صاحبه الآخذة من الأناجيل. الشاعر الأول في نظره هو رجل الدين الأول، ديوانه الأول الطبيعة، وديوانه الثاني الحياة، والثالث المرأة، والرابع الكتاب المقدس، وهنا يسهب توفيق في تمجيد "أروع الشعر" "فسفر أيوب من الطرف الشعرية الكبرى، ولعله أعظم قصيدة فكرية معروفة، وسفر "المراثي" يضم بعضًا من خيرة المراثي الوطنية العالمية، وفي "المزامير "قصائد غنائية شجية، لا تجاريها إلَّا بعض القصائد المتفرقة في بطون الأشعار الأخرى، وفي "نشيد الإنشاد" نقرأ أعذب أنشودة للجمال والربيع، وأبدع قصيدة حب عرفتها الأزمان، كما وصفها توفيق الحكيم، أو عودوا إلى ما في التوراة من قصص أفعمت روعة فنية خالدة، ما زالت إلى اليوم تعجب وتلذ حين تقرأ كما كانت تعجب وتلذ قبل مئات السنين؛ ذلك لأن فيها عنصري الجمال والبساطة اللذين لا يتغيران مع الأزمنة، أو إلى ما فيها من تاريخ أدبي، أو حكمة وأمثال وفلسفة، أو نبوءات شعرية جليلة، هل هذه، وهي قطرة من محيط تجعل للتوراة مركزًا أدبيًا لا يضاهى) (١).

إن هذا النص بما يحتويه من تفاخر نصراني وإعجاب توراتي يؤكد لنا أن الصائغ راهب كنيسة وحبر معبد قبل أن يكون شاعر تحديث وتجديد، وفي هذا ما يكفي المنصف لمعرفة ما خلف كواليس الحداثة، وستائر مسرحياتها.

وفي دراسته للتوراة والأدب العبراني يكتشف الصائغ اكتشافًا ساقطًا لا حقيقة له يقول فيه: (ومما يلاحظ أن كل أنبياء إسرائيل كانوا شعراء) (٢).

وتحدث عن الحكم والأمثال في التوراة، ثم يصل في بحثه "التوراة كأدب" إلى عظمة الشعر العبري لكونه لا يحتوي على قافية، يقول: (وللشعر


(١) المصدر السابق: ص ٤١.
(٢) المصدر السابق: ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>