للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمتنبي وأبي تمام، وقد اعتمدوا فيها أسلوبًا وصفيًا خارجيًا دون الإيماء إلى دين انتمائهم، لم يكن ذلك بالمسلك السليم، فالحقيقة تقضي بإفصاح الكاتب أو الشاعر في العمل الإبداعي عن رؤيته للعالم والوجود من خلال إيمانه، ولا يجوز أن يخشى الادعاءات والاتهامات الكاذبة: بالفئوية ومحاربة الإسلام، الموجهة ضد المسيحيين أو غير المسلمين، إذا ما هم أعلنوا للملأ اعتناقهم دين (١) ما تعرضنا لهذه الاتهامات يوم أسسنا حركتنا الشعرية فنعتنا بالفئويين لأننا استعنا برموز وأساطير سابقة للإسلام، فصرنا على ألسن أصحاب النميمة، أعداء (٢) للتراث الإسلام، فمحاولة حجب صورة التعددية الدينية والمذهبية عن أنظار العالم والتاريخ، وحرمانها من وسائل التعبير وطمس معالمها، تجعل الأدب العربي على جانب من السطحية. . .) (٣).

هنا يعترف بتأثير الدين، ولكنه يدخل سراديب المغالطات والأكاذيب حين يزعم أن الثقافة العربية وليدة أديان مختلفة منها النصرانية وهي المقصد من كلامه، ثم يكذب حين يدعي -لتبرير زعمه ومغالطته- أن الأدباء العرب القدامى كانوا على غير ملة الإسلام، ولكنهم تخفوا بذلك، وأنه لا يوجد في كلامهم الإيماء إلى الدين الذي ينتمون إليه، وهذه كذبة من أكبر الأكاذيب، ويُمكن طالب علم صغير أن يدلل على هذا الكذب من كتب الجاحظ ومن شعر المتنبي وأبي تمام، ولكن ليس بعد الكفر ذنب، وهكذا تحمل الأحقاد الدينية صاحبها على التجانف للكذب والظلم والعدوان، وهذا دليل ضعف الباطل وهشاشة حجته، وسقوط أدلته.

ثم يعود ليدندن على قضية التعددية وقد بينا سابقًا كيف حصر الثقافة الإنسانية والحضارة الإنسانية في النتاج الأوربي الذي ينبثق -عنده- من النصرانية، وإذا لم تستح فاصنع ما شئت.

وفي سياق كلامه يذكر أن ازدهار العرب الفاتحين لا قطار الهلال


(١) و (٢) هكذا وهي أخطاء لغوية جلية.
(٣) المصدر السابق: ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>