للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله غير ذلك في الصلب والمصلوب والأديرة والصلبان (١).

ومنهم البياتي الذي هام بالشيوعية، وتغنى بالإلحاد، وذاب وجدًا في موسكو وناظم حكمت ونيرواد وهافانا وبرلين وغير ذلك من رموز الماركسية، ثم أخيرًا يقولون بأنه انصرف إلى التصوف، ولكنه بسبب انغماسه في الحداثة، ومخالطته لمعلميها لا يفهم التصوف إلّا بالمفهوم النصراني، فبعد إقراره بأنه توجه إلى ما أسماه التصوف الثوري يقول: (إن الصوفي اللاهوتي يريد أن يحقق عدالة المسيح في العالم الآخر، أما الصوفي الثوري فهو الذي يريد أن يحقق العدالة على الأرض وهذا هو الفرق بين صوفي السماء وصوفي الأرض) (٢).

والشاهد هنا أنه لم يعرف الصوفية إلّا بمفهوم نصراني - مع أن التصوف اسم أطلق بعد مجيء الإسلام على من اتخذ طريقة في التعبد معينة.

وليس المراد هنا تفنيد صحة هذا المنهج أو ذاك، وإنّما المراد بيان مقدار التأثر بالنصرانية إلى الحد الذي جعله ينسب هذا المسلك إلى النصرانية، وكان بإمكانه أن ينسبه إلى التراث الذي عُرف أن هذه التسمية نشأت فيه، ولكن هكذا تكون التبعية في أعمق صورها.

وإذا ذهبنا إلى ديوانه لنرى مقدار التأثر بالنصرانية فإننا نجد عنده من الانحراف الاعتقادي والانغماس النصراني ما يجعل المطلع على أقواله يظن أنه من أصل نصراني عريق، فهو مثل أي نصراني كنسى يؤمن بالفرية القائلة بأن المسيح عليه السلام قد صلب، وله أقوال عديدة في ذلك، منها قوله عن فلسطين وأهلها:

(وكأنْ حلمت بأنني بالورد أفرش والدموع

طريقكم


(١) انظر: المصدر السابق: ص ١٣٢، ١٣٤، ٥٠٥، ٥٨٧.
(٢) أسئلة الشعر: ص ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>