للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبب إشادتهم بهؤلاء وخاصة المعتزلة مع أنهم من أهل الملة ويؤمنون باللَّه ورسوله والمعاد والنبوة إلّا أنهم من أجل أصلهم الفاسد في تقديم العقل على النقل أُعجب بهم هؤلاء، ولاشتراكهم معهم في التهوين من الوحي، بتعظيم العقل، إلى حد جعل أدونيس يثني على الاتجاه الاعتزالي؛ لأنه هاجم منهج السلف، وناقض قضية اتباع الدليل، وقاوم ما يسميه "الاتباعية النقلية"؛ ولأنه قدم العقل على الشرع وجعل العقل أصل المعرفة.

ويرى أدونيس أن المعتزلة وصلوا إلى القول بأنه "لا يؤخذ بأي شيء سواء كان تقليدًا أو خبرًا متواترًا أو إجماعًا إلّا إذا كان مطابقًا للعقل، وكل ما يتناقض مع العقل لا يعد علمًا"، وأن العقل هو مقياس التمييز بين الخير والشر ومقياس الأخلاق.

ويرى أن أهم ما أدى إليه تقديم العقل على الشرع هو التوكيد المطلق على حرية الإنسان وإبداعه، وإلى القول بأن القرآن مخلوق محدث، ثم يثني بعد ذلك على هذا الاتجاه ويمدحه (١).

ومن المعلوم أن أدونيس لا يثني على المعتزلة إلّا من الوجه الذي يناسبه، وهو مخالفة الشرع وتقديس العقل، أمّا الوجه الآخر للمعتزلة وهو كونهم أهل ملة ودين فذلك لم يذكره، ولم يتعرض له، لأنه مما يبغضه ويبعث الحقد في قلبه.

وقد اهتم حسن حنفي وعصبته العلمانيون اللادينيون في مصر بالتراث الاعتزالي، وجعلوه منطلقًا لهم لهدم الاتجاه السلفي الذي نشأ وترعرع في العصر الحاضر بعد قيام الدعوات والحركات الإسلامية المنادية بمبدأ "الإسلام دين ودولة".

ويذكر حسن حنفي أنه يهتم بالمعتزلة وأصحاب الطبائع من أجل وعي حضاري حديث، ومن أجل الخروج من الإيمان السلفي (٢)، وله ثناءات


(١) انظر: كل ذلك وغيره في الثابت والمتحول ٢ - تأصيل: ص ٨٥ - ٨٧.
(٢) انظر: الإسلام والحداثة: ص ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>