كل هذا أوجد عندهم قاعدة الانحراف التي ساروا ويسيرون عليها في كل قضايا الإيمان والعمل.
فالإيمان بالملائكة والكتب والرسل تبع للإيمان باللَّه تعالى، وما دام القوم في إلحاد مكشوف أو شك وريب، أو كفر وشرك، فلا غرو أن يكون إيمانهم بالأمور المترتبة على الأصل الأعظم والركن الأكبر فيه من الانحراف والضلال والاضطراب مثلما في الأصل أو أسواء.
إن ارتكاسهم في حضيضين آسنين، جعل على عقولهم وقلوبهم أكنة أن يفقهوا الحق أو يؤمنوا به أو يتبعوه، مهما كانت حججه واضحة وبراهينه ساطعة.
فأمّا الحضيض الأول: فهو ترديهم في المادية الفكرية القائمة على تقديس الحس ومعطياته والتجربة ونتائجها، بل وفي أحيان كثيرة على أوهام مادية، يظنون أنها ثابتة قطعًا لا ريب فيها، فها هي الوجودية التي يؤمن بها الكثير منهم، والتي انتشرت بينهم انتشار السل في العظام، ليست إلا امتدادًا لإيحاءات نظرية فرويد الجنسية، الداعية إلى تحطيم كل قيد قد يقف في سبيل تحقيق ذاتية الفردية الأنانية الكاملة، سواء كان هذا القيد من دواعي السماء أو الأرض، وأن عليه أن ينطلق بحيوانية شهوانية حيث شاء الانطلاق، وليذهب الآخرون إلى الجحيم: المجتمع، المثل، القيم، النظم، العقائد، ما دامت أو أي شيء منها يقف أمام أمزجة هذا الفرد أو ذاك.
وها هي الحياة الداعرة المنحطة التي يمارسها الشباب والشابات في أوروبا وأمريكا، والتي تدعوا إلى التحرر من كل القيود والضوابط مهما كانت؛ ليست هي أيضًا إلّا من نتائج فرويد.
والصحافة الداعرة والأفلام العارية، والقصص الجنسية، والممارسات الإباحية، كل ذلك وغيره من إيحاءات نظرية فرويد التي ركزت فيهم وهمًا بالجبرية النفسية، وأن الإنسان ليس حرًا في تصرفاته؛ لأن غريزته هي