المادية وحدها هي قوام مكانة الرسل العسكرية، ولكن العوامل الربانية يجب
أن تضاف إلى ملكات الرسول في التخطيط.
- كذلك فهو لم يكشف عن دور الإسلام في بناء شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالإسلام هو الذي أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الإيمان بالله تبارك وتعالى والإيمان بأحقية الموت في سبيل الله وذلك القدر من الثبات والتضحية والإقدام والعزم والصبر.
هذا الجانب الذي تجاهله العقاد واكتفى بالمقارنة بين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين نابليون من النواحي المادية والعسكرية، كذلك لم يتبين الفارق بين حروب محمد - صلى الله عليه وسلم - وبين حروب نابليون وأنها كانت خالصة فى سبيل الله ونشر الإسلام وليست في سبيل المطامع والسيطرة.
- ذلك أنه ناقش عبقرية الرسول العسكرية في ضوء العبقريات البشرية، ولم يتنبه للفوارق العميقة، التي يتميز بها شخصية الرسول بوصفه نبي مرسل أو تلك التي هداه إليها الإسلام، وأن تمييزه هذا يختلف عن البطولات والعبقريات البشرية الأخرى، ومن هنا يبدو النقص في وزن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعبقريات البشرية الأخرى.
كذلك هذا التمييز الذي عرفت به شخصية محمد - صلى الله عليه وسلم - "نبيًا" ومرسلاً وهاديًا، تختلف في المقارنة بينه وبين الأبطال العالميين الأخرين من ناحية كما أن شخصيته عليه السلام تختلف عن شخصية كل من أبي بكر وعمر وغيرهم.
لقد تحدث العقاد عن الجانب المادي في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحجب تمامًا الجانب الروحي المتصل بالوحي وأظهره كمجرد إنسان يعمل بمواهب ممتازة وملكات خاصة، وهكذا فان (العبقرية) التي حاول العقاد أن يقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خلالها، كان حجمها ضيقًا ومجالها ناقصًا،