وأخطر ما أخذ عليه هو أنه لم يظهر أثر الإسلام في بناء شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو العامل الأكبر في حياته وتصرفاته على النحو الذي وصفته السيدة عائشة -رضي الله عنه- بقولها:"كان خلقه القرآن" هذه الربانية الخالصة التي تعلو على طوابع البشر، وقد وصفها القرآن في قوله تعالى:{قل إِن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالين لا شريك له}.
- كذلك فقد تحدث عن افتتان المسلمين بشخص الرسول وانبهارهم بمواهبه واعتبر إعجابهم به سببًا وحيدًا لدخولهم في الإسلام وعزا اجتماع الصداقات المتنوعة حوله نتيجة لمزاياه النفسية وبذلك أنكر أثر عظمة الإسلام نفسه في إيمان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس من شك في أن إعجاب المسلمين بالرسول له أهميته في مرحلة الدخول في الإسلام، ولكن تقدير المسلمين للإسلام هو العامل الذي ثبتهم بعد ذلك على الإيمان بالإسلام وحفزهم للدفاع عنه.
- إن الأستاذ العقاد وقد حارب مذهب التفسير المادي للتاريخ الذي قدمه ماركس والشيوعية حربًا لا هوادة لها خضع مع الأسف للمذهب المادي الذي لا يعترف بالآثار المعنوية المترتبة على الإيمان والعقيدة في بناء الشخصية كما تجاهل جانب الغيبيات ولم يفهم النبوة فهمًا صحيحًا، ولذلك فإن الجانب الروحي القادر على العطاء في بناء الشخصيات والذي صنع شخصية رسول الإسلام تراه باهتًا غائمًا عنده، وذلك لأنه اعتمد في دراسة الشخصيات والبطولات على مذاهب غربية تتجاهل النبوة والوحي والغيبيات والمعجزات ولا تجعل لهذه العوامل الروحية والمعنوية أي وزن وأي اعتبار، وإنما قامت اعتباراتها على جوانب الحس وتركيب الإنسان المادي والوراثيات وغيرها" اهـ (١).
(١) وضع العقاد تحت عنوان هذا الفصل فيه تساهل كبير يتلافى في الطبعات القادمة .. فقد تم الترتيب تحت ظروف صعبة.