للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمثل ذلك من يحسب على الإسلام والمسلمين، ويدعي الإسلام مثل محمد علي.

ولكن سرعان ما يزول هذا الاستغراب إذا عرفنا أن القائمين على التعليم في عهد محمد علي كان معظمهم من الغربيين النصارى، فمجلس شورى المدارس وهو الهيئة العليا للتخطيط والتنفيذ كان جميع أعضائه من الأجانب ما عدا ثلاثة.

على أن هناك أمرًا تجدر الإشارة إليه حول ما ذكر من ضآلة الأجور والمرتبات في الأزهر والتي كان من أهم أسبابها قيام محمد علي بالاستيلاء على الأوقاف التابعة للأزهر وضمها للدولة، وبالتالي إحكام السيطرة على المشايخ والقائمين على التعليم من رجال الأزهر (١).

وحتى الكتاتيب التي تعلم القرآن الكريم والعلوم الأولية للناشئة من أبناء المسلمين، لم تنج من غائلة محمد علي؛ فقد ذكر الجبرتي -رحمه الله- أن كثيرًا من المكاتب أغلقت بسبب تعطل أوقافها واستيلاء محمد علي عليها (٢).

وذكر الشيخ محمد عبده أن ما أبقاه محمد علي من أوقاف الأزهر والأوقاف الأخرى لا يساوي جزءًا من الألف من إيرادها. وأنه أخذ من أوقاف الجامع الأزهر ما لو بقي إلى اليوم (في عهد الشيخ محمد عبده) لكانت غلته لا تقل عن نصف مليون جنيه في السنة، وقرر له بدل ذلك ما يساوي أربعة آلاف جنيه في السنة (٣).


(١) "قراءة جديدة في تاريخ العثمانين" (ص ١٧٩). للدكتور سليمان بيومي -عالم المعرفة-
جدة.
(٢) "عجائب الآثار" (٣/ ٤٧٨)، و"تاريخ نظام التعليم في جمهورية مصر العربية" (ص ٨٠) منير عطا الله سليمان وآخرون الطبعة الثالثة ١٩٧٢ م مطبعة الأنجلو المصرية.
(٣) "مذكرات الإمام محمد عبده" (ص ٤٤) لطاهر الطناحي، دار الهلال.