للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهود في كل بلد سيطر عليه تحت دعوى المساواة والحرية، وذلك في أثناء حكمه للشام من قبل أبيه، وقام بإعطاء النصارى امتيازات؛ ومن ذلك فتح محلات علنية لبيع الخمور في دمشق والسماح بحمل الصلبان وشرب الخمر في الشارع (١).

وعندما ذهب إليه نفر من علماء الشام يشكون إليه انقلاب الأوضاع ويبسطون أمامه ألمهم من استعلاء الذميين وركوبهم الخيل كالمسلمين لم يكن من إبراهيم إلا أن سخر منهم سخرية مرة وردهم كاسفي البال؛ إذ نصحهم أن يركبوا الجمال من اليوم حتى يصيروا أعلى من النصارى كافة؟ (٢).

وقد شمخ النصارى بأنوفهم، وأشرأبت أعناقهم خصوصًا رجال الدين منهم في عهد محمد علي وابنه إبراهيم باشا؛ ومن ذلك أن بطريرك الروم مكسيموس في حلب وقت احتلال إبراهم باشا لها كان يدور أحيانًا في شوارع حلب وهو راكب بأبهة زائدة وموكب حافل يتلقى المسلمون منه ذلك كارغام لهم وتعالي عليهم وقاصدًا إهانتهم (٣).

أما اليهود فقد شملهم عطف الباشا، ونعموا بالحرية التي أطلقها لهم والامتيازات التي منحهم إياها.

وحادثة يهود صفد أوضح مثال على ذلك؛ يوم أن ثار المسلمون عليهم ونهبوا بعض أموالهم وممتلكاتهم، ولسنا الآن بصدد الحديث عن هذه الثورة وأسبابها، إنما الذي يعنينا هو ما حدث بعد هذه الثورة من إصرار القناصل


(١) "قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين" (ص ١٩٢)، وما ذكر من أمور فيه إشارة إلى تأثير المحفل الماسوني عليه ودور هذا المحفل التابع لفرنسا في دعم أطماعه وأطماع أبيه.
(٢) الشرق الإسلامي في العصر الحديث (ص ٢٧٥). لحسين مؤنس. مطبعة حجازي. القاهرة. الطبعة الثانية ١٩٣٨ م.
(٣) "نهر الذهب في تاريخ حلب" (٣/ ٣٧٥) لكامل بن حسين البالي الحلبي الغزي. المطبعة المارونية.