للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفظاظة الطبع ورقة الديانة أو عدمها (١).

وقد عمل محمد علي طوال سنوات حكمه على القضاء على عقيدة الولاء والبراء، واستخدام سياسة العسف والإرهاب والتنكيل في أنحاء مملكته لينتزع هذه العقيدة من قلوب المسلمين، ويقضي عليها قضاءً مبرمًا (٢).

قال الرحّالة الإنجليزي (كنغليك) الذي زار الشرق الإسلامي في الثلث الأخير من حكم محمد علي ١٢٥٢ - ١٢٥٣هـ (١٨٣٣ - ١٨٣٤م) غامزًا الباشا المفتون، وذاكرًا تبعيته للغرب وعدم استقلاله الكامل بإصدار القرار إلا بعد موافقة أسياده عليه.

يقول: "وبرغم وجود الجيوش المصرية الكثيرة فقد فهم كل فلاح (٣) أن أربعة أو خمسة من الوجوه الشاحبة في فيينا أو بطرسبورج أو لندن (٤) يمكن أن ينزلوا الباشا المصري من عليائه بمجرد ورقة يكتبون عليها حكمهم عليه. وكان علم الأهالي أن قوة محمد علي مستمدة من القائد الفرنسي وفنونه الحربية ومن المحركات والآلات الإنجليزية .. " (٥).

وقد قام ابنه إبراهيم باشا (٦) بإلغاء كافة القيود المفروضة على النصارى


(١) يقول الشيخ محمد قطب: ليس من باب المصادفة أن الذين اختيروا للأدوار الكبرى في حرب الاسلام كانوا متصفين بجنون العظمة وقسوة القلب من أمثال محمد علي وكمال أتاتورك وجمال عبد الناصر .. ذلك أنهما صفتان لازمتان لمثل هذا الدور العظيم. "واقعنا المعاصر" هامش (ص ٢٠٥).
(٢) "الإنحرافات العَقَدية والعلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين" لعلي بن بخيت الزهراني (ص ١٦٣ - ١٨١) - دار طيبة.
(٣) يعني المسلم من أهل الشام لاشتغالهم بالزراعة.
(٤) في هامش الصفحة يعني رجال السياسة.
(٥) " رحلة كنغليك إلى المشرق " (ص ١١١).
(٦) الابن الأكبر لمحمد علي وحاكم الشام من قل أبيه. وكان أكثر انفتاحًا على الغرب من أبيه كما يروي ذلك الغربيون أنفسهم .. انظر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (١/ ٧٠).