للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسلب، فلا يكون التناقض الذي يلزم فيه صدق إحدى القضيتين وكذب الأخرى.

وإنما الذي كان أن كلاًّ من إبراهيم وامرأته يبشر بهذا الغلام، وقد تكررت هذه القصة في هذه السور فذكرت في بعضها بشرى إبراهيم به، وذكرت في بعضها بشرى امرأته به، تنويعًا في الأسلوب وتصريفًا في القصة لمقامات تقتضي التنويع وتستدعي ذلك التعريف.

صاحب الرسالة لا يفرق بين القصص الذي نص القرآن على وقوعها، وبين الأمثال التي يجوز فيها الوقوع وعدمه، وهي أمثال لا أساطير وقد ورد كثير منها في القرآن أيضًا، ولكن صاحب الرسالة لم يرزق قوة التمييز بينها، فخبط فيها خبط عشواء، وسقط سقوط من يتناول ما فوق طاقته.

لقد ذكر الله تبارك وتعالى قصة مريم في سورة آل عمران ثم قال فيما ذكره منها: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [آل عمران: ٤٤]، وهذا نص قاطع على وقوع هذه القصة.

وذكر قصة نوح في سورة هود، ثم ختمها بقوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} [هود: ٤٩]، فجعل تلك الأنباء وهي من الغيب من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح الاستدلال بها على نبوته إلا إذا كانت صحيحة.

وذكر قصة يوسف في سورة يوسف ثم ختمها بقوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ} [يوسف: ١٠٢]، وهذا نص قاطع على وقوع القصة، وهكذا اعتبر هذه القصص من قصص الأنبياء ونحوها أمثالاً قرآنية.