للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لغوي ولكنها قضية تعبير عن العصر، وفي هذا يتساوى من يعبر بالفصحى وأنا منهم ومن يعبر بالعامية مثل كتاب المسرح والأغنية، واللغة العامية لغة تعبير موفقة في كثير من الأحيان ومكملة للعربية في كثير من الحالات.

- وهكذا أفسحت الصحافة لمهاجمة الفصحى والدفاع عن العامية ووصفها بأنها لغة، ولم يظهر رجل رشيد يدحض هذه الكلمات المليئة بالمغالطة والانحراف حين يرى أن كل مدافع عن الفصحى سلفي مؤمن بالجمود، أو دعواه الباطلة بأن التعبير بالعامية لا يعادي الفصحى.

وهكذا كانت الصحافة وعاء لكل تلك السموم، وهددت الصحافة البشرية بالمجاعة موالية بذلك دعوى الرأسماليين وأصحاب الملايين اليهود، وعارضت تطبيق الشريعة الإسلامية وغضت من شأنها وفتحت صفحاتها لكل من يستطيع أن يثير الخلاف أو يقدم الرأي الذي ينتقص من الشريعة، وحملت ترجمات القصص الأجنبية المكشوفة أمثال أزهار الشر، وصورة دون جراي، وهكذا تكلم زرادشت، وعشيقة اللورد شترلي، وفتحت صفحاتها أسبوعًا وراء أسبوع لترويج هذه السموم المكشوفة والصور الفاضحة.

وبالجملة فإن الصحافة العربية في فترة (الهزيمة والنكبة والنكسة) (١٩٤٨ - ١٩٦٧) التي نؤرخ لها قد حملت كل الأفكار التي طرحها الاستعمار والتغريب وروجت لها وأشادت بها وقطعت أشواطًا طويلة في الدعوة لها والدفاع عنها والإلحاح بها والبث يومًا بعد يوم، وفي مقدمتها الاشتراكية الديمقراطية، القومية الوطنية، وكلها مستمدة من مفهوم غربي من شأنه أن يمزق الوحدة الإسلامية الجامعة، وكان أغلب زعماء الصحافة في هذه الفترة ماسونًا ومن غير دين الأغلبية يهودًا وكاثوليك وموارنة، ثم جاء من بعدهم أتباع الروتاري والليونز وحملة لواء الوجودية والبهائية والقاديانية، وقد دافع هؤلاء وأولئك عن التفرقة بين الاشتراكية والشيوعية وبين الصهيونية واليهودية.