اليقظة الإسلامية منذ ظهور دعوة التوحيد التي دعا بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية ودعا بها كثير من تلاميذ فكر التوحيد الخالص الذي قدمه ابن تيمية وابن القيم وأتباعهما يؤمن بأن الأمة الإسلامية كانت قادرة على الانبعاث من داخلها عندما تنحرف بها الطريق أو تتجمد الخطوات، ولا ريب أن هناك مرحلة غلبت فيها جبرية الصوفية على المفاهيم الإسلامية بعد أن مرت مرحلة الجهاد في مقاومة حملات الصليبيين والتتار وتَوقَّفَ المسلمون عن فتح باب الأجتهاد خوفًا من دخول الفكر الوافد وحرصًا على سلامه مفاهيم الإسلام، وقد كسر هذا الجمود انطلاقة المصلحين الإسلاميين أمثال محمد بن عبد الوهاب والشوكاني وخطيب مسجد المؤيد في القاهرة بالدعوة إلى التوحيد الخالص.
- ومنذ ذلك الوقت سارت حركة اليقظة الإسلامية في طريقها مرحلة بعد مرحلة، فسرعان ما دخلت مرحلة الجهاد بالسيف في مواجهة الغاصب، ثم انتقلت حركة اليقظة الإسلامية إلى مقاومة حملات الهجوم على الإسلام التي بدأها التبشير والاستشراق وهي مرحلة خصبة انتقلت فيها حركة اليقظة الإسلامية إلى منطلقات واسعة في سبيل رسم التصور الإسلامي الصحيح عقيدة وفكرًا، وكان من أبرز ما قامت به إعادة مفهوم الإسلام إلى منطلقه الأصيل من التوحيد الخالص وتحرير إرادة المسلم والخضوع وكسر قيود الجبرية الصوفية وإنكار الأنسحاب من الحياة ودفع المسلم إلى إصلاح المجتمع، غير أن هذه المرحلة لم تصل إلى جوهر المفهوم الإسلامي الأصيل بل شابها بعض القصور؛ لأنها صدرت من منطق مفاهيم المعتزلة، وعلماء الكلام فمضت بها ثمة وكان اهتمامها بإعلاء العقل على النقل، واعتمادها على المنطق، هنالك كان لا بد لحركة اليقظة الإسلامية أن تصحح نفسها وأن تدخل مدرسة التفسير القرآني للإسلام وأن تتحرر تمامًا من أسلوب الاعتزال والتأويل،