للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتلاميذها، وهو يحوي وجهة نظرها إلى الأمور ولكنه ليس بقلمها.

ولذلك فإن ما يذكره إحسان عبد القدوس في هذا المجال في حاجة إلى مراجعة، ولا بد أنه كان للسيدة فاطمة اليوسف دور ودور خطير في حياة ابنها إحسان، يقول تحت عنوان "أمي":

"إن أمي لا تريد أن تنسى أنها تعبت في حملي تسعة أشهر فتطالبني بالتكفير عن هذه الشهور التسعة طوال حياتي، كنت مقتنعًا بأن أمي تعاملني معاملة فراخ التقفيصة تطعمني ما شاءت وتذبحني إذا أرادت مع اعتقادها أن (لكي) الكلب أشد إخلاصًا لها مني".

ومع اعتقادي هذا نتيجة وقائع وظروف أحاطت بي فقد تفتح وعيي فإذا بي بين يدي أم ليست ككل الأمهات، أم ليس لها نعومة السيدات ولا ضعفهن نحو أبنائهن ولا يستقيم مع أخلاقها تدليل الأطفال ومناغاتهم، بل كانت أمًا طاغية طغيان مارد، عنيدة عناد جبار، ولا شك أنها سهرت بي الليالي كما سهرت كل أم، ولكن كل ذلك حدث قبل أن أعيي وقبل أن يتنبه إحساسي، وإنما تفتح وعيي وتنبه إحساسي؛ فإذا بأمي هي السيدة فاطمة اليوسف صاحبة مجلة روزاليوسف الأسبوعية ثم اليومية، وإذا بها تخاصم حكومات وتناضل زعماء وأحزابًا وإذا بها تستدعى إلى النيابات ويحقق معها كل يوم ثم تسجن في إحدى المرات.

وأحسست بالجفاف الروحي وسط هذا الجو الذي أعيش فيه، ولم أكن أرى أمي إلا ساعة الغداء، وكان يحز في قلبي أن أرى طفلاً تلاعبه أمه في حديقة أو تسحبه من يده أو تضمه إلى صدرها، ومن حق أمي عليّ أن أذكر أن عملها لم يفقدها حنان الأم، فقد كانت تعود في المساء فتجلس إلى جانب سريري لتطمئن إلي، وربما كانت ساعتها تناغيني وتقبلني ولكني في هذه الساعة أكون نائمًا، وقد أرادت أمي أن تخلق مني صحفيًا بنفس الطريقة التي