للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلقت بها صحيفتها، فعينتني محررًا في مجلتها وخصصت لي راتبًا شهريًا ينقطع إذا انقطعت عن التحرير؛ فإذا حاولت أن أعاملها كأم ناسيًا أنه رئيسة تحرير، أوقفتني نظراتها الغاضبة عند حدي، وأخيرًا تغلب ما أرادته وأصبحت علاقتي معها لا تتعدى علاقة رئيسة تحرير بأحد المحررين.

والسيدة والدتي عنيدة في عملها عنادًا أحس به كل من عمل معها أو اتصل بها، وكان عليَّ أن أنفذ أوامرها بلا مناقشة وأعتنق آراءها بلا محاولة ولكن من سوء حظي أنني ورثت عنها كل هذا العناد فكنا إذا اختلفنا في الرأي اصطدمنا، لم تكن تلين أبدًا أو ترحم أعصاب ابنها البكر الوحيد، بل كانت دائمًا طاغية جبارة ولم تقابلني أبدًا كأم إلا مرة واحدة عندما تذكرت أن من حقوق الأم أن تضرب ابنها علقة فضربتني علقة، وبلغت مصادماتنا حدًا وصل إلى طردي من تحرير المجلة عدة مرات.

هكذا يصور إحسان عبد القدوس علاقته بأمه، وهي علاقة مضطربة غريبة ولا شك أن اتجاه إحسان إلى هذه الكتابات المثيرة التي يريد بها أن تحدث الدوي هي نتيجة "الاضطهاد" الذي عاشه في حياته الأولى، التي شكلت عواطفه ومشاعره واتجاهاته كلها ولقد كانت الصحافة لإحسان عبد القدوس حرفة ومورد رزق ولم يكن مورد الرزق الصحفي في هذه الفترة إلا أحد عملين: الكتابة السياسية الحزبية التي تؤيد بها حزب ضد حزب وهذا ما كانت تقوم عليه مجلة روزاليوسف وكان صراعها أنها كانت في صف أحزاب الأقلية التي كانت لا تصل إلى الحكم إلا عن طريق الدكتاتورية التي يشكلها القصر مع الاستعمار، وهناك كتابة القصة وهي مصدر توزيع خطير وقد كتب (محمد إحسان عبد القدوس) في أول أيامه في السياسة ثم فضل أخيرًا أن يقدم لمجلة روزاليوسف مصدرًا ضخمًا من التوزيع وهو القصة الجنسية المكشوفة التي رفعت من توزيع المجلة أضعافًا مضاعفة، ولم يكن