كلها دعوات تحاول أن تخرج العرب من أصالتهم وتدعوهم إلى مفازات التيه والضياع وهي بعيدة عن التماس الخيوط الأصيلة لهذه الأمة، ولن يغني غالي شكري وشيعته شيئًا إعادة الكتابة عن شبلي شميل وفرح أنطون؛ فإن حركة اليقظة الإسلامية قد كشفت فساد هذا الاتجاه، وبطلان تلك الدعوات إلى اتخاذ أسلوب التطور الاجتماعي منطلقًا لبناء المجتمع العربي الإسلامي، بل إن أصحاب القوى الدافعة لهذه السموم إلى مجتمعنا غيروا خطتهم من بعد وقدموا بدائل رفضها الفكر الإسلامي أيضًا سواء ما كتبه إسماعيل مظهر وما قدمه سلامه موسى، أما تلك الخيوط التي يتشبث بها التغريب والشعوبية، وهي كتاب "الشعر الجاهلي" لطه حسين، و"الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبد الرازق؛ فإنها خيوط واهية، هي خيوط العنكبوت فهذه لم يعد لها أثر حقيقي بعد أن تكشفت خلفياتها الضالة وغاياتها المسمومة، وأهواء أصحابها، فليكف التغريب ورجاله عن إعادة الكلام عن هذين الكتابين اللذين مزقتهم الأجيال الجديدة ورفضت ما فيهما من تضليل، أما كتابات سلامة موسى فإن الأمر قد أصبح واضحاً وجليًا الآن، وقد تكشفت الأغراض التي كانت تدفع هذا الكاتب وتسوقه إلى تلك المحاولات التي فشلت جميعها وباءت بالخسران.
- ويعلق الأستاذ خالد محيي الدين البرادعي على أسلوب غالي شكري في كتابه "شعرنا الحديث إلى أين" فيقول: إنه يرفض التراث رفضًا مطلقًا بعصبية وانفعال بحجة أن التراث الأدبي لأمتنا مرتبط بالدين إن لم يكن وجد لخدمة الدين أصلاً، وبذلك اكتسبت اللغة العربية صفة القداسة لارتباطها بقداسة الدين، هذه الفكرة المهلهلة المكذوبة أصلاً وتاريخًا وتفسيرًا، إني أدعو إلى مراجعة مؤلفات الأصمعي والجرجاني وابن رشيق وغيرهم من النقاد القدامى الذين نفوا أن تكون القيم الدينية مرتكزًا لإعطاء الشعر قيمة فنية