و"التوجيه" الذي يتلقاه، كله إلى الجانب الأخر .. جانب التغريب. لذلك أرسل الشبان الصغار بأعداد متزايدة إلى أوربا، وهم في سن الفتنة، غير محصنين بشيء .. "لينهلوا" من العلم إن شاءوا، ومن الفساد إن شاءوا، أو من العلم والفساد معًا في غالب الأحيان .. ثم يعودوا، ليكونوا رأس الحربة المتجه إلى الغرب، الذي يجر بلاده كلها إلى هناك! ولا عبرة بأنه كان يرسل مع كل بعثة إمامًا يؤمهم في الصلاة ويعلمهم أمور دينهم! فقد كان للصلاة حتى ذلك الوقت قداستها في حس المسلمين، ولا يتصور وجود " مسلم " لا يؤديها! أو هي في أقل الاعتبارات "تقليد" له قداسته، لا يمكن أن يخرج عليه مسلم! لذلك لم يتكن يتصور أن تكون هناك مجموعة من المسلمين بغير إمام يؤمهم في الصلاة، ولا يمكن أن يقدم محمد علي على كسر ذلك التقليد المقدس في ذلك الحين" (١).
وقال الشيخ محمود شاكر: "رغم اندحار الحملة الفرنسية على الشرق فإن رسالة نابليون إلى كليبر بقيت هي الأساس في عملية الاستشراق والمستشرقين. يقول نابليون في رسالته: "اجتهد في جمع ٥٠٠ أو٦٠٠ شخص من المماليك حتى متى لاحت السفن الفرنسية تقبض عليهم في القاهرة أو الأرياف وتسفرهم إلى فرنسا، وإذا لم تجد عددًا كافيًا من المماليك فاستعض عنه برهائن من العرب ومشايخ البلدان فإذا ما وصل هؤلاء إلى فرنسا يحتجزون مدة سنة أو سنتين يشاهدون في أثنائها عظمة الأمة الفرنسية
(١) "واقعنا المعاصر" (٢٠٥ - ٢٠٩). قلت: والشيخ محمد حفظه الله لم يذكر حرب محمد علي لأهل التوحيد وهي أعظم سيئاته -عندنا- كما أنه يؤمل خيرًا في الأزهر .. وقد سبق أن هذا الجامع العتيد من مخلفات الرافضة وانتقل منها إلى تخريج الأشاعرة الذين يجدون في نشر بدعتهم ويشغلون أهل السنة بالرد عليهم .. وأما إن كان الشيخ محمد لا يأبه بهذه (الجزئيات)! فنقول له: إن هذا إرث ينبغي التخلص منه.