الابتداع هنا حسن وليس بالسيء كما هو الحال في أصول الدين" (ص ٢٨٦).
- "سلفية الوهابية التي وقفت عند المأثورات وحدها، وعند فهم السلف وحدهم لهذه المأثورات قد جعلت من المأثورات الكل الذي لا شيء وراءه، ونقطة البدء والمنتهى سواء في عقائد الدين أو في أمور الدنيا، وقد يكون لها العذر؛ لأن بداية مجتمعها لم تكن تطرح من القضايا والمعضلات ما يتجاوز إطار المأثورات .. أما التيار السلفي العقلاني المستنير فلم يكن ذلك حاله ولا موقفه؛ لأنه قد نبت في أكثر البيئات العربية الإسلامية تطورًا، وأشد مجتمعات الأمة تعقدًا، وهو قد استشرف بناء مجتمع عربي مسلم أكثر تطورًا وتحضرًا، ومن ثم أشد في درجات التعقيد" (ص ٢٨٧).
- "والتقليد الذي يفضي إلى الجهود .. لقد عابته سلفية الوهابية، ولكن غضها من قيمة العقل قد أوقعها في خطر التقليد وحبسها في إطاره على حين وجدنا إعلاء تيار الأفغاني وتلاميذه لشأن العقل قد جعلهم حربًا معلنة وضارية ضد التقليد والمقلدين" (ص ٢٨٨).
- "وسلفية الوهابية وقريب منها أو مثلها - سلفية الشيخ رضا لاعتمادها على النقل دون العقل أو أكثر من العقل ولتعميمها ذلك في شئون الدنيا أيضًا جعلت من التجديد دعوة للعودة إلى مجتمع السلف ونظمه وتشريعاته فضلاً عن فكره فهي عودة إلى السلف وإن تفاوتت صراحتها في هذه الدعوة بين دعاتها في البادية حيث كانت هذه العودة ليست بالأمر المستحيل وبين دعاتها في الحضر كما عند رشيد رضا حيث جعلها الغاية التي تؤدي إليها وسائل مغلقة بالغموض والتعميم! أما سلفية التيار العقلاني المستنير فهي لا تدعو للعودة إلى مجتمع السلف؛ لأنها تدرك استحالة ذلك فضلاً عن خطره وضرره، وإنما هي تدعو إلى استلهام ما هو جوهري ونقي -أي الدين الخالص- في تراثنا ليكون نقطة البدء والطاقة المحركة والنبع المقدس لدفع عجلة التطور إلى الأمام، ولبناء مجتمع جديد جدة الواقع والظروف