للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عبودية العباد إلى عبادة الله وحده وطاعته دون سواه في التلقي وفي الاتباع في المنهج والسلوك " (١).

- ويقول الشيخ القرضاوي: "أما الحاكمية بالمعنى التشريعي ومفهومها أن الله سبحانه هو الشرع لخلقه وهو الذي يأمرهم وينهاهم ويحل لهم ويحرم عليهم فهذا ليس من ابتكار المودودي ولا سيد قطب بل هو أمر مقرر عند المسلمين جميعًا" (٢).

فالحاكم لا يطاع إلا لأجل تنفيذ أوامر الله وأحكامه وإما إذا خالف ذلك فلا حق له بالطاعة. وهذا عمل الخلفاء الراشدين بعده - صلى الله عليه وسلم - والغريب أنك لم تطلق على حكمهم مسمى "الحكومة الدينية" مع أننا لا نطالب إلا بمثل حكمهم!! فما الفرق بيننا؟ الخلاف بيننا وبينك ليس هو في اعتقادك أن العلماء والدعاة يقولون بالحكومة الدينية بشكلها النصراني فأنت تعلم أنهم لم يقولوا بذلك كما سبق وإنما الخلاف بيننا في تحديد السلطة المدنية والسلطة الدينية كما فرقت بينهما أو أمور الدين وأمور الدولة. فقولك إن أمور السياسة والاقتصاد والعمران والفن لا تدخل ضمن الدين قول فيه إجمال فهو من الأسماء المبهمة التي يتوقف فيها أهل السنة فلا يجيبوا بنفي ولا إيجاب حتى يعرفوا معناها فهي كألفاظ الجسم والتركيب والجوهر والحيز في باب العقائد يتوقف فيها كما هو معروف من مذهب أهل السنة فإن كان حقًّا أقر وإن كان باطلاً رد .. وهكذا قولك هذا فماذا تعني بالسياسة؟ إن كنت تعني مثلاً أن تختار الأمة حكامها بنفسها مع الشروط التي اشترطها الإسلام فيهم وإن يشاورهم هذا الحاكم في أمور الدولة التنظيمية وفي شئون الحرب المتغيرة كخطة الحرب (التكتيكية) من أين يهاجم؟ وأي قائد يولي على هذه الجهة؟


(١) "العلمانية" (ص ٦٠٧).
(٢) "بينات الحل الإسلامي" للقرضاوي (ص ١٦٢).