ونحو ذلك فهذا الأمر نوافقك في أنه لم يرد فيه نصوص ملزمة، وإنما هو متروك للحاكم.
وأما إن كنت تعني بالسياسة أن تكون الدولة ديمقراطية كما تصرح بذلك كثيرًا، وتكون السلطات بيد الشعب فهذا أيضًا مما يتوقف فيه لأنه مجمل. فإن عنيت بسلطات الشعب أن يشاركوا الحاكم في أحكامه التي سبق أمثله منها أي لم يكن فيها نص من القرآن أو السنة فهذا مما نوافقك عليه، ولكن لا نسميه ديمقراطية، وإنما هو الشورى الإسلامية ويتنبه هنا إلى أمرين:
١ - إن الذين يشاورهم الخليفة من الشعب في مثل هذه القضايا إنما هم أهل العقد والحل من أجلاء المسلمين وأصحاب الورع والتقوى والفكر الناضج وليست المشاورة لكل الشعب الذي يحتوي في مجمله على أناس من الجهلة والعوام والطغام الذين لا يفقهون شيئًا في هذه الأمور.
٢ - إن مشاورة الحاكم لهم لا تعني أن يلزم بما يقولون ما لم يكن فيه نص بل هو يستمع إلى آرائهم ثم يفصل في الأمر بما يراه هو محققًا لمصلحة الأمة. ولا يلزمه أحد بشيء كما فعل عمر - رضي الله عنه - في أحكام كثيرة.
وأما إن عنيت بسلطان الشعب (الديمقراطية الغربية)(١) وهو ما تعنيه.
(١) يذهب الشيخ سعيد حوى -رحمه الله- إلى جواز الأخذ بالديمقراطية الغربية لأن المسلمين في وضعهم الراهن في موقف ضعف أمام الرأي العالمي لا يُسمح لهم فيه بحرية القرار. ويستشهد باقتباس عمر للديوان من الفرس" (مجلة الإرشاد اليمنية - السنة السابعة عدد ١٠) والشيخ -غفر الله له- واهم في هذا القول الخيالي؛ لأن الدولة الإسلامية إذا عزمت على تحكيم الكتاب والسنة لا تحتاج بعدها إلى نظام آخر. ولا تلتفت إلى ضغط دولي أو غيره. وإنما هو اليقين والتوكل على الله. ولو راعت ما ذكره الشيخ لما بقي للإسلام إلا رسمه لمن تأمل. ثم ليعلم القارئ أنني لم أتوسع في موضوع الشورى والديمقراطية؛ لأن مكانها المناسب هو الرد القادم على (فهمي هويدي) -إن شاء الله- لكي لا تطول هذه الرسالة .. ولتصبح الرسالتان (عمارة - هويدي) تكمل إحداهما الأخرى" ا. هـ ما قاله الشيخ سليمان الخراش.