* وقال تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران: ١٢٨].
والفارق الذي أوضحه إقبال بين عمل الصوفي وعمل النبي من أن عمل الصوفي يبقى فرديًّا، وعمل الرسول ينتقل إلى المجتمع، صحيح ولكن عمل الرسول ليس من عند نفسه، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عاد خائفًا حين نزل عليه الوحي في بدء الأمر، وقال: دثروني وزملوني ولم يقل: إني مارست هذه التجربة، فتعالوا، أيها الناس، وأوجدوها في حياتكم.
رابعًا: لا شك في أن للعقل دورًا بالغًا في بناء المجتمع وتوجيهه وتطوير العلوم والتجارب ولكن له مجال محدد وليس في استطاعته إقامة ميزان ثابت يميز به الحق من الباطل. فدور العقل في الإسلام مقيد بالوحي والأمة المسلمة مسئولة أن تحمل رسالة الإسلام في ضوء ذلك الوحي المنزل، وليس العقل في المنهج الإسلامي حرًّا طليقًا في تصرفاته يحرم ما يشاء ويحلل ما يشاء كما يوهم تفسير إقبال هذا.
- والواقع أن إقبالاً متأثر ومنخدع في رأيه أن العقل حلّ محلّ الوحي في العصر الحاضر، بأفكار الغربيين. والواقع كذلك أن هذا الرأي لا يمثل وجهة نظره الشاملة في هذا الشأن، فإنه قد أعطى القرآن الكريم حقه والسنة النبوية حقها في أكثر من موضع من دواوينه ومقالاته، فقال مثلا، ضمن منظومة "رموز اللاذاتية":
"إن دين محمد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هو دين الحياة وشرعه شرح لنظام الحياة. وإذا فقدت الأمة أسوة الرسول تفقد وجودها وبقاءها".
وقال كذلك، تحت عنوان "إن الأمة لا تنتظم بدون شريعة وشريعة