للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم يضرب الحكيم المريخي بضعة أمثلة لتوضيح هذه القضية الدقيقة، فيقول:

كُن ترابًا يهبك القدر الرياح، كن حجرًا يقذف بك الزجاج. إذا كنت قطرة من الندى فالسقوط قدرك، وإذا كنت محيطًا من المحيطات فالثبات قدرك".

- ويستطرد الحكيم قائلاً:

"ربما أُلقي في روعك أن القدر حكم على بعض الناس أن يكدحوا طيلة حياتهم، دون أن يصلوا في النهاية إلى تكون الثروات، وأنه حكم بأن يحصل البعض الآخر على كنوز وثروات طائلة دون جهد يذكر .. ، إذا كانت هذه عقيدتك أيها الغافل، فإنها تؤدي بنا إلى القول بأن المحتاج سيظل أبدًا أكثر احتياجًا، ولن يصبح أي محتاج وفقير ثريًا أو غنيًا. فتبًّا لعقيدة تظل بك حتى تنام وما تزال تبقيك في نوم عميق. أهذا دين أم سحر وخرافة؟ أهذا دين أم حبة أفيون؟ ".

- ومنها قوله ضمن ديوان رسالة المشرق:

"لا يمكن الحكم بأنني مختار أو مجبر، فإنني تراب حيّ لا أزال أتقلب وأتحرك".

- ومنها قوله ضمن منظومة "حديقة الأسرار الجديدة":

"لقد كان من قول قائد معركة بدر (يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم -) الحق أن العبد حر من جهة ومجبر من جهة. فالإيمان بين الجبر والقدر".

وقد عدّ أبو عمران الشيخ إقبالاً ثالث ثلاثة ممن سعوا إلى النهل من الفكر الاعتزالي العقلاني، والدعوة إلى الحرية الإنسانية وما هؤلاء الثلاثة الذين سعوا إلى إحياء روح الفكر الاعتزالي مع مطلع القرن التاسع عشر


(١) "محمد إقبال وموقفه من الحضارة الغربية" (ص ١٨٩ - ١٩٤).